علي عبدالله المفضي
عندما يهجرك الشعر وتخلو سماء مشاعرك من غيومه عد بذاكرتك إلى أيام التوهج والاشتعال وتزاحم القصائد والافكار والصور ستجد أنك لم تعد ذلك المتقد الذي لا تكاد تمر عدة ساعات من نهار أو ليل دون أن يقرأ أو يكتب أو يسمع أو يجالس، والشعر كاللغة يحتاج إلى المداومة على تداوله ومعايشته.
وقطعة السحاب في السماء لابد أن تتألف مع مثيلاتها لتكون سحباً قد يهطل منها المطر أو لا يهطل، وكذلك الشعر فهو يحتاج إلى امتزاج الحالة (هاجس الكتابة) والشعور بالنشوة والاضطراب وفقدان التوازن مع ما يتحد معها من مؤثرات خارجية قد تُحدث قصيدة، وقد تكون الحالة ناقصة العناصر فلا يظفر الشاعر إلا بمطالع لاتكوّن قصيدة وقد ياتي بيتا في بداية الكتابة يختصر كل ما تريد قوله، وقد يكون البيت نفسه حافزاً ومشجعاً إلى تداعي قصيدة كاملة الجمال والروعة والابداع.
ولو سألت شاعرا حقيقيا عن وصف حالته أثناء حضور القصيدة ربما لم يستطع أن يصف لك حالته وما يحسه بدقة وربما قال لك:كل ما أعرفه أنني أعيش لحظة شعرٍ لا أدري كيف تبدأ وكيف تنتهي، وربما قال لك: أنه قد أحس بحالة هي أقرب إلى الغيبوبة أو جزء منها، إنها الومضة الخاطفة التي تضرب على غير موعد لو لم يقبض عليها في لحظتها لذهبت إلى غير رجعة.
وقفة:
شق يا سيل الغلا كل درب للقصيد
وافتح لغر المعاني بقلبي كل باب
ما خبرتك لا تنهّضت تقبل بالزهيد
أو تحسب إلى تفجرت للدنيا حساب