يوسف المحيميد
ستُ سنوات من القتل والدمار، ستٌ من الجنون، نزح فيها أكثر من ستة ملايين مواطن سوري داخل حدودها، وافتقد الأمن الغذائي سبعة ملايين آخرين، بينما يفتقد ثلاثة عشر مليونا الرعاية الصحية اللازمة، وخمسة ملايين لاجئ مسجل في الخارج، بينما في قوائم الانتظار مليون ومائتا سوري طلبوا اللجوء إلى أوروبا!
ست سنوات من التشريد والضياع، بقي فيها أكثر من مليون طفل بلا تعليم، والأكثر مأساة أن هناك ثلاثة ملايين طفل مولود خلال الحرب، أي أن ثلاثة ملايين طفل سوري هم دون السادسة، لا يعرفون سوى الموت والفقد، وأصوات القاذفات، لم تشم أنوفهم رائحة الياسمين الدمشقي، بل رائحة البارود فقط، أليس للياسمين الدمشقي أظافر بيضاء تثقب جدران الذاكرة - كما يقول نزار؟ ماذا إذا كانت الذاكرة وطفولتها لم تنشأ أساسًا إلا على أظافر سوداء قذرة ترسلها الطائرات الداكنة؟
ست سنوات يا شام مرت ونحن ننتظر، سقط فيها الأطفال والعجائز والشيوخ، سقطوا موتى، ماتوا من الموت، سقطت فيها المآذن والمنازل، سقطت فيها المدن بمن فيها، تبخرت الأحلام الصغيرة واحترقت الدفاتر، ولم يبق? في الغرف الشتوية سوى حبر الدم! كل هذا يحدث لأجل رجل واحد فقط، استقطب فارس والروس وأعوانهما حتى لم يبق? شيئًا من وجه العروبة، «ما للعروبة تبدو مثل أرملة/ أليس في كتب التاريخِ أفراحُ؟»
أي حل يرتضيه مجرم حرب أباد شعبه، وأي عالم يتآمر معه؟ أي مواثيق دولية لا تستطيع حماية شعب أعزل؟ وهل بعد كل هذا القتل والتشريد والتجويع والإبادة يفكر بحل يرتضيه؟ لا أعتقد أن الفرصة الآن بالنسبة له كما كانت في بدايات الثورة، قبل أن تعيث يده قتلاً وتشريدًا، قبل أن تنتشر رائحة الموت على تربة وطنه، فاللعبة انتهت، والعبث في الوقت الضائع لا يحقق شيئًا سوى تأجيل ساعة الصفر.
صحيح أن أمريكا تنازلت عن دورها في المنطقة، خلال الفترة السوداء في تاريخها السياسي، ومنحت إيران فرصة أكبر من حجمها في مفاوضات الملف النووي، مما جعلها تكشر عن أنيابها، وتعبث في أكثر من عاصمة عربية، وتعربد في المنطقة، وتدمر اقتصاداتها، لكن أمريكا العائدة من جديد، ستعيد خلط الأوراق حتمًا، وتضع خططًا جديدة، ولكن كما نقف جميعًا مع تنحية الدكتاتور، علينا أن نقف ضد خطط تقسيم البلاد السورية.