د. صالح بكر الطيار
شاهدنا ما تم التبرع به من رجال أعمال سعوديين قريباً لجمعيات وفئات في دول أخرى، وهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وهذا يؤكد الجهل الموجود في المجتمع بطرائق الزكاة وتوزيع الصدقات والعون الإنساني المفترض.. وعدت إلى عدة تصريحات سابقة لجمعيات خيرية سعودية تطلب العون والدعم المالي مدعمة بأرقام حساباتها، ولا تزال كل الجمعيات تعلن عن حاجتها الموسمية والشهرية لأموال لدعم الفئات التي تنتسب اليها من مساكين وفقراء ومرضى ومحتاجين ومكلومين.. ولا أعلم لماذا تتجه تلك الأموال إلى الخارج بينما بيننا من يحتاج والقاعدة الشرعية «الأقربون أولى بالمعروف» وأنا هنا لست ضد التعاون بين الشعوب والعون بين المسلمين فالمسلم أخو المسلم وكان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه،
ولكن الأوجب والأحق هم الأقربون فلو عدنا لرجال الأعمال والشركات التي انطلقت منها تلك الأموال الكبيرة، وبحثنا في تفاصيل الثروات فقد انطلقت من أرض هذا الوطن ومن ايرادات المرضى والمواطنين وطالبي الخدمات، وفي هذا كانت الدولة داعماً لكل هذه الشركات فلم تفرض عليهم ضرائب كما هي في الخارج، ولم تلزمهم بمشاركات اجبارية في المسؤولية الاجتماعية ولم تثقل كاهلهم بأي رسوم سوى رسوم زهيدة للتراخيص والخدمات. بل إن الدولة تقدم التسهيلات لهم بكل تفاصيلها وبعد هذه السنوات من الدعم الحكومي ومن العون الشعبي لهذه الجهات فإيراداتها من خيرات هذا البلد المعطاء المملكة العربية السعودية تتجه إلى الخارج، فلماذا لم يفكر هؤلاء المتبرعون في ذلك؟ وفي أن يردوا للوطن جزءاً من أفضاله عليهم، مع أمنيتي من النبلاء ممن لحقت بهم الشائعات في هذا الجانب في وسائل التواصل الاجتماعي إصدار بيانات لدحرها وابطال أكاذيبها.
نحن ولله الحمد ننعم بنعم كثيرة واهمها الامن والامان، ونحن نعيش في مستويات حياتية واجتماعية أفضل من غيرنا بل تتجاوزهم والدولة ساعية في خططها إلى مساندة المواطن في حاجاته وفي دعمه وفي توفير كل السبل له ولاسرته، ولكن أين المشاركة المجتمعية الواجبة على هؤلاء التجار الذين لن يلتفتوا إلى اوطانهم والى التبرع بأموالهم لنماء الوطن ومساعدة الجمعيات التي تدعمها الدولة سنويا اضافة إلى ما تدعم به من مليارات لميزانيات الوزارات ودعم خطط الدولة.
لذا أين هؤلاء من المسؤولية الاجتماعية الواجبة عليهم في وطنهم؟ لماذا لا يقتدون ببعض فاعلي الخير الذين لا يظهرون اسماءهم ولا تبرعاتهم وهم يدعمون مجالات الخير في وطنهم دون أن يعرفوا باسمائهم بل انهم يخفون صدقاتهم وكل همهم رضا الله وابتغاء وجهه ثم دعم وطنهم فهو الاولى بذلك.
اتمنى من رجال الاعمال ممن يملكون الثروات أن ينظروا في الزكاة وفي التبرع ومن الاولى بها وعليهم أن يتأملوا في دعم الدولة لهم طيلة حياتهم وما قدمه لهم وطنهم ومن اين اتت هذه الثروات، وعليهم أن يعيدوا النظر في تبرعاتهم وان لا ينجرف وراء هذه الموجة آخرون، ولعل ما حدث يكون آخر ما نسمع به وعلى المقتدرين والميسورين أن يعرفوا أن هنالك جمعيات تحتاجهم وان عشرات الجمعيات تحتاج دعمهم وانفاقهم سرا وعلانية وفق ما تقتضيه ذممهم وتفرضه آراؤهم الصحيحة الموفقة وهم اصحاب القرار.. والمال مالهم ولكني وددت أن اضع الرسالة امام كل رجال الاعمال وفاعلي الخير والمتبرعين كي يكون الوطن همهم الاول، فقنوات التبرع متاحة وتستند إلى كل مقومات وشروط التبرع فقط عليهم أن يتيقنوا أن «الأقربون أولى بالمعروف».