جاسر عبدالعزيز الجاسر
لا مجال للشك في نوايا الجماعات الإرهابية التي لا تريد أي تعافٍ لمصر وأن تتجاوز الصعاب والأزمات التي ورثها الرئيس عبدالفتاح السيسي وحكومته، ولهذا جمعت الجماعات الإرهابية ما تبقى من عناصرها، ونفذت عمليتين إرهابيتين في مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية ومدينة الإسكندرية العاصمة الثانية في مصر ضد كنيستين وقت احتفال المسيحيين بمناسبة أحد الشعانين وهي مناسبة تعد فاتحة لأعياد المسيحيين؛ إذ يعقبها مناسبتا يوم القيامة ويوم الفصح، واختيار هاتين الكنيستين لم يكن عفوياً إذ إن الإرهابيين بالإضافة إلى استهدافهم، يريدون إحداث شرخ كبير في الوحدة الوطنية المصرية وإشعال الفتنة بين المسيحيين والمسلمين، وأيضاً يهدفون إلى إرهاب المسيحيين في مصر وتهديدهم بالأعمال الإرهابية واستهداف دور العبادة الخاصة بهم في المناسبات الدينية الخاصة بهم، كما أن الإرهابيين الذين ساءهم ما حققته القيادة المصرية في الآونة الأخيرة من نجاحات سواء في تصديها للإرهاب وتقزيمه في شبه جزيرة سيناء، أو في تحقيق انفراجات سياسية كبيرة دولياً وإقليمياً.
وقد أصاب العديد من المحللين وخبراء مكافحة الإرهاب في تحليلهم للعمليتين الإرهابيتين، وأفضل ما قيل عنه ما نشره مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية أمس، بأن التيارات الإرهابية تواصل منهجها الدموي التخريبي مستهدفة العلاقات الاجتماعية المتينة بين جناحي الوطن، سعيًا منها لإثارة الاحتقان الطائفي الذي فشلوا في الوصول إليه مرارًا من خلال الأعمال التفجيرية التي فجروا بها الكنيسة البطرسية وأخيرًا كنيستي طنطا والإسكندرية بالأمس.
ووضع مرصد الإفتاء يده على الحقيقة بقوله إن الجماعات الإرهابية أصيبت بالهوس من النتائج الإيجابية لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى أمريكا ومدى التقارب الواضح في رؤى الزعيمين المصري والأمريكي تجاه محاصرة الإرهاب، ولقاءات الرئيس السيسي مع قيادات وأعضاء الكونجرس الأمريكي، ويقين التيارات الإرهابية وفي مقدمتها جماعة الإخوان، بأن الخناق بدأ يقترب من رقابهم ليتم تصنيفهم رسميًّا في أمريكا ضمن الجماعات الإرهابية، يضاف إلى ذلك التقارب المصري السعودي خلال القمة العربية الأخيرة الذي قطع على الإرهابيين ومن يدعمهم ظنون وجود خلاف بين البلدين.
وأشار المرصد إلى أن تلك العوامل مجتمعة يضاف إليها الحراك الاقتصادي الذي بدأ يشهده القطاع السياحي والاستثماري حفز الإرهابيين لبث الرعب في نفوس الجميع تجاه الوضع الداخلي بمصر، متجاهلين متانة وصلابة العلاقة المصرية بجناحيها الإسلامي والمسيحي، وأن الإخوة المسيحيين يدركون لعبة الإرهاب القذرة، وأن تماسكهم في اللحمة الوطنية يثير حنق التكفيريين الذين لا يؤمنون بدين ولا وطن، وأعلن مرصد فتاوى التكفير أن استهداف الكنيسة المرقسية بالإسكندرية وقبلها بساعات كنيسة طنطا يكشف أن الذئاب المنفردة التي هربت من عمليات الجيش المصري العظيم في تطهير أوكارهم بجبل الحلال أرادت أن تعبث في أماكن متفرقة من الوطن، مؤكدًا أن المصريين بمختلف فئاتهم معرضون لعمليات تفجيرية دون نظر إلى مذهب أو عقيدة.
الإرهابيون أرادوا أن يحولوا احتفالات مسيحيي مصر بدخول السيد المسيح للقدس إلى يوم البكاء، إلا أن النتيجة هو تكاتف كل المصريين من العرب والمسلمين في مواجهة جرائم الإرهابيين وشجبها والتنديد بها.