ناصر الصِرامي
«.. تراجعت أرباح شركات الاتصالات الخليجية على مدى السنوات الخمس الماضية، وانخفضت إجمالي أرباح الشركات من 8 مليارات دولار في 2011 إلى 6.25 مليارات في 2015 وفق دراسة أجرتها «أرقام». وتعيد الدراسة تراجع أرباح الاتصالات إلى تطور التكنولوجيا، وما توفره البرامج الجديدة للاتصال المجاني بجودة عالية، وتشير شركات الأبحاث البريطانية Ovum إلى أن شركات الاتصالات العالمية ستفقد 386 مليار دولار من إيراداتها بين 2012، و2018، بسبب برامج الاتصالات بين الأفراد مثل Skype وWhatsup، وغيرها المئات...»
التسعينات حفلت ببرامج تسويقية بسيطة لشركات الاتصالات عبر الإعلان عن بيع دقائق مع رسائل نصية مقابل مبلغ محدد، في مرحلة الجيل الرابع، لم تقدم أفكاراً جديدة تسويقية ذات معرفة بمتطلبات التحولات الجديدة، وأذواق وأنماط المستخدمين وكأنها بدأت بفقد بوصلتها!
وخلال السنوات الثلاث الأولى من العقد الحالي،كانت القفزات الأضخم، حيث ارتفاع عدد مشتركي الجوال، من 4 مليارات إلى 6,3 مليارات، وبلغ نموّ عدد مشتركي الإنترنت من 1.5 مليار إلى 2.3 مليار، ثم ارتفاع معدل «تنزيل» وتحميل تطبيقات Apps على الهواتف الذكية الذكي من 500 مليون إلى 50 ملياراً سنوياً!
ببساطة يمكن للمستخدم العادي إدراك أن الشبكات لم تعد شبكات اتصال تقليدي وحسب، بل شبكات تواصل ونقل معلوماتي تشمل كل استخداماتنا اليومية، وصولا إلى التواصل الاجتماعي والتعليم والترفيه والتجارة والمعاملات الحكومية والخاصة، والإعلام والتوظيف...إلخ.. تنوع معلوماتي وخدماتي لن يتوقف، لكن المفاجأة الغريبة أن الكثير في عقلية وفكر المشغلين في منطقتنا لم يتغير جذريًا.
من الصعوبة بمكان فهم كيف استثمر مشغلو الشبكات في المنطقة ملايين ملايين الدولارات في تنفيذ مشاريع الجيل الرابع، دون أن تكون لديهم أقسام تسويق متخصصة في مبيعات البيانات واتجاهات التطبيقات الحديثة، وللاستفادة القصوى والفعلية من الإمكانيات التي توفرها!
لكن وحتى قبل تحقيق فعالية الاستثمار، ها نحن نتحدث اليوم عن شبكات الجيل الخامس التي يتم تجربتها الآن، وأول بناء لها العام القادم 2018، والاستخدام التجاري خلال الخمس سنوات القادمة.
كما أن طريقة وأسلوب حساب الأرباح وتوقعاتها ومعادلاتها ما زال دون المرحلة -مثلا-، فإجمالي مساهمة استخدام البيانات والعائد منها مباشرة أو غير مباشرة، لا تشكل اليوم على أحسن الأحوال 20 إلى 30 % من إجمالي العائدات.
ولنتذكر بشكل مستمر التقارير التي تتوقع أن تتضاعف حركة تبادل البيانات والمعلومات بكل صيغها، في الشبكات حول العالم بنحو 15 ضعفاً هذا العام 2017، إضافة إلى وصول عدد المشتركين من حملة الهاتف الذكي إلى أكثر من 3 مليارات، فإننا سنرى بوضوح المأزق الذي ينتظر الإدارات التقليدية في شركات الاتصالات. أمام استثماراتها المتواضعة جدًا في قطاع المعلومات والمحتوى والخدمات.
وهناك أيضًا مؤشر لا يمكن إغفاله على خطى تقديرات هذه الإدارات التقليدية، حيث الارتفاع الكبير في عدد المشتركين، لكن هذا الارتفاع لا يترافق مع ارتفاع الإيرادات التشغيلية! ناهيك عن «أخطاء» الاستثمارات الخارجية «غير الموفقة» لمعظم هذه الشركات، إضافة إلى ما تواجهه من تحديات اقتصادية عالمية، ومشاكل اقتصادية داخلية. كما تدهور سعر صرف العملات المحلية إزاء الدولار.
شركات الاتصالات تحتاج إلى إعادة تطوير إستراتيجياتها لتواكب الضغوط الحالية والسعي للبقاء في ظل التنافس العالمي الشديد.. ومهما حمتها «الحكومات» التي ما زالت تسيطر على الحصة الأكبر من هذا القطاع.. فإن هذه الحماية مجرد جرعات مخدرة ليس إلا، ولا يمكن لها تحقيق فاعلية لمعالجة ضعف تموضعها أمام التطور التقني الجارف!