فهد بن جليد
في منتصف رمضان عام 1435هـ كتبتُ هنا أنَّه (من الصعب أن نستورد الكليجا - يوماً ما - من الخارج بأسماء وأشكال جديدة، ونحن من نصنعها في بلادنا)، وذلك تعليقاً على قيام بعض برامج الطبخ على الفضائيات العربية، وخصوصاً في (المطبخ المصري)، بتطوير طريقة إعداد (الكليجا) بإضافة نكهات خاصة وجديدة، وإدخالها للمطبخ العالمي بأيدي (طهاة عرب) وإن أشاروا - للأمانة - في تلك البرامج أنَّ هذه الحلوى مصدرها منطقة (القصيم السعودية)، ولكن من يضمن استمرار (الشيف) بذكر اسم ومصدر (الكليجا) في كل مرة، وكل مهرجان عالمي يقدم فيه الكليجا ضمن الأطعمة التي يعدها، ونحن لم نسجلها كماركة سعودية...؟!
بعد (ثلاث سنوات) من كتابة هذا المقال أكد رئيس الغرفة التجارية بالقصيم أخيراً، السعي لخلق هوية تجارية مستقلة لمنتج (الكليجا الشعبية) وتسجيله كماركة عالمية، ولا أعرف السر حول تأخر مثل هذ الخطوة المهمة لحفظ تاريخ الكليجا المُعاصر؟ ونحن نعيش منذ أكثر من 9 سنوات احتفالية (مهرجان الكليجا بالقصيم) الرائعة والتي تحظى في كل عام بعناية ورعاية الأمير المُلهم فيصل بن مشعل بن سعود أمير المنطقة، دون أن ننجح في تسجيل الكليجا كمنتج سعودي، رغم أن الفرصة كانت (مواتية) للتوثيق والتسجيل عندما اعترفت اليونسكو بجمعية (حرفة) كحافظة للتراث في المنطقة، ومن ضمن الأعمال التراثية التي تقدمها الأسر المُنتجة بكل تأكيد (صناعة الكليجا).
ما يدفعني لقول ذلك هو أنَّ المصادر العالمية والعربية على محركات البحث ما تزال تروج لقصص أصل الكليجا كمنتج جلبه المسافرون من (شيراز) في بلاد فارس، وآخرون يتحدثون أنها حلوى تركية عُرفت بالشام، ثم استقرت في وسط وشمال المملكة لاحقاً... إلخ، من الروايات المُتناقضة، والتي لا يوجد لها مرجعيات علمية وتاريخية مُثبتة!
بقاء الأمر على هذا الحال وغياب المعلومة الموثقة، سيُغري لتحرك أي مطبخ عالمي (لتوثيق) صناعة الكليجا وإدراجها ضمن أطعمته، مع القبول الذي يشهده هذا المنتج وقيمته الغذائية الكبيرة مع تروِّيج المُبتعثين له في الخارج والذي قد يُغري بسرقته أكثر، ونحن نعلم الفوضى التي تعم قطاع الأغذية العالمي وما تعرضت له الكثير من الأطعمة الفلسطينية والعربية للسطو ضمن مشروع الهوية والثقافة المفقودة..!
شكراً لكل يد سعودية تصنع الكليجا وتعلمها للأجيال المُقبلة، وشكراً لمن حافظ على هذا المنتج وأقام له مهرجاناً سنوياً، ولكن كل هذا الاحتفاء - غير كاف - أمام عدم (التوثيق أو الاعتراف العالمي)!
وعلى دروب الخير نلتقي.