محمد بن علي الشهري
مَن يقرأ ويستمع إلى ما ظل يتداوله ويردده البعض خلال الفترة الماضية من أن الهلال يفضّل الحكم المحلي على الأجنبي بدعوى أنه يكسب معه على عكس الأجنبي، أقول: من يقرأ ويستمع إلى تلك الهرطقات وهو غير مُلّم ولا مطلع، سيعتقد أنها حقائق وليست أكاذيب، لاسيما إذا أمعن النظر في سحنات غالبية من (يلوكونها) ممن اشتعلت رؤوسهم شيباً، من عينة (ابومادة خامسة) و(معيّد المطانيخ) على فرضية أن الشخص عندما يبلغ تلك المرحلة من العمر، لابد أن يكون أكثر حذراً من تعاطي رذيلة الكذب، ولكنهم -سواء بقصد أو بدون قصد- اختاروا التشبث بذلك النهج إلى ما شاء الله، لعله من باب (رحم الله امرئ عرف قدر نفسه)؟!.
ذلك أن كل الشواهد والوقائع، وحتى الأرقام الموجودة بين أيديهم: كلها تثبت عكس ما يلوكون تماماً، ولا تحتاج إلى فهلوة، كما يعون ويعلمون يقيناً بأن الهلال يتفوق على جميع منافسيه بعدد مرات الفوز بحضور الحكم الأجنبي، ولكنهم يصرّون على كذبهم، بذات القدر من إصرارهم على محاولات استغفال سذج المدرجات طمعاً في استمالتهم، دون النظر إلى القيمة الأخلاقية المُهدرة؟!!.
حتى تصريح مدرب الهلال السابق (دونيس) الذي أدلى به في أعقاب أحد اللقاءات التي أدارها أحد الحكام الأجانب من نمونة (أبو ريالين)، حين قال: إذا كان الحكام الأجانب الذين سيتم الاستعانة بهم مستقبلاً من هذا الصنف فإن الحكم المحلي أولى.. ومع أن ملاحظة دونيس مشروطة ومقيدة بنوع ومستوى الحكم الأجنبي المُراد الاستعانة به، إلاّ أنهم عبثوا بها وبتروها من سياقها على طريقة (ويل للمصلين) فأخذوا يرددون كالببغوات: (مدرب الهلال يطالب بالحكم المحلي) هكذا؟!!.
اللافت والثابت، أنهم كلما ابتكروا كذبة أو مكيدة وروّجوا لها بغية إيذاء الهلال، فإنها سرعان ما تصفعهم وتخذلهم الوقائع الدامغة وتضعهم بالتالي في مواقف لا يُحسدون عليها، ولكنهم لا يتعلمون، ولا يحسّون؟!!.
(جاك الموت يا....)؟!
بُحّت أصوات العقلاء هنا وهناك على مدى سنوات وهم ينادون ويتوسلون ويستنهضون الجهات المعنية للوقوف في وجه طوفان الانفلات الذي ظل يُمارس عبر الكثير من وسائل الإعلام المرئي والمقروء بذريعة الحق في طرح الآراء بكل حرية، وبالتالي تحولت المسألة إلى سباق محموم بين تلك الوسائل طمعاً في التميّز وكسب قصب السبق في ابتكار وتوفير الأدوات الموصِلة إلى الغايات؟!.
وفي سبيل ذلك كان لابد من استقطاب من هم أكثر أهلية وقدرة على صُنع الفوارق (الانفلاتية) بدعوى ضرورات استخدام الإثارة لزوم لفت الأنظار بين متقبل ورافض، وبالتالي إيجاد مساحات أوسع لعرض المنتج.. ولكن لأن الخطأ في مفهومهم للإثارة ومتطلباتها وممارستها، كما هو الخطأ في مفهومهم لحرية الرأي، أوقعهم في وحل صناعة وإنتاج بضاعة رديئة، وإن شئت فقل: فاسدة.
ولكن بعد أن استشعرت القيادة خطورة تنامي وانتشار ذلك العبث الهستيري، فكان لابد من اتخاذ موقف حازم تجاهه، وجاء الفرج، وجاءت القرارات والتوجيهات السامية التي انتظرناها طويلاً بغية إعادة الأمور إلى نصابها، والحفاظ على ما تبقى من قيم تضررت كثيراً نتيجة التقاعس في وضع حدّ لما ظل يجري ويُمارس من (سفه).
ورغم أننا تعودنا على أن الكثير من التوجيهات والقرارات لا تُطبق على أرض الواقع، والأمثلة كثيرة جداً وبالتالي لا حاجة بنا إلى سردها.. غير أن ما يطمئن الشارع الرياضي العريض المغلوب على أمره، على نجاح المشروع هو لكون الأوامر والتوجيهات صادرة من الجهات العليا، فضلاً عن تعدد الجهات المنوط بها التصدّي للمهمة، لا سيما وقد عُرف عن بعضها عدم التهاون في ضبط الأمور، والضرب بيد من حديد في سبيل استتباب الأمن والطمأنينة للفرد والجماعة.
يعني باستطاعتنا القول: (جاك الموت يا....).
حديث شريف:
(.. ولا يزال الرجل يكذب ويتحرّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابا).