يوسف المحيميد
كثيرًا ما نعاني من ندرة الإعلام المتخصص، باستثناء مجالات الإعلام الجماهيرية، مثل الإعلام الرياضي والفني، وبدرجة أقل الإعلام السياسي والاقتصادي، رغم ما في هذين المجالين من فروع متعددة. ففي الاقتصاد مثلاً تختلف الخبرة والمرجعية المعرفية في سوق الأسهم عنها في سوق البترول، وكذلك تختلف أسعار العملات عن أسعار الذهب، وسوق العقار عن المال. وكذلك الأمر بالنسبة للإعلام السياسي والعلاقات الدولية.
ولكن بعيدًا عن هذه الأقسام تفتقر صحافتنا المحلية والخليجية إلى المختصين بالإعلام البترولي أو الطاقوي، رغم أن هذه الدول لم تبنِ مشروعاتها التنموية إلا من إيراداتها النفطية على مدى عقود طويلة، ومع ذلك تأخذ المعلومة والتحليل في المجال النفطي المرتبط بها من الإعلام الدولي، بل حتى نقل الخبر والمعلومة المرتبطة بالنفط من مصدرها قد يتعرض لأخطاء لها علاقة بعدم فهم الصحفي أو الإعلامي وقلة وعيه بهذا المجال؛ فكثير ممن يعمل في الصحافة المحلية، وأحيانًا حتى من يعمل في صفحات الاقتصاد، لا يمتلك معرفة كافية بالسوق البترولية الدولية، وكيف تعمل، والعوامل التي تتأثر بها، ومصطلحات العرض والطلب، والمخزون التجاري، وخلاف ذلك.
وربما يعود ذلك إلى سببين، أكاديمي وتدريبي؛ فلا الإعلام البترولي يدرَّس ضمن أقسام الإعلام بالجامعات الخليجية، ولا حتى كمادة ضمن مواد أقسام الإعلام المتخصص، ولا تنظَّم له ورش التدريب المستمرة، التي لم تنجح في غالب الأحيان؛ فرغم مبادرة بعض الدول، ومن بينها المملكة، بتنظيم ورش عمل للإعلاميين، إلا أن كثيرًا ممن يلتحقون بهذه الورش لا يستمرون في مجال دقيق ومتخصص، بل ينتقلون إلى مجالات الصحافة الرياضية والفنية بحثًا عن القارئ والشهرة، التي لن يجدها حتمًا في مثل هذه المجالات محدودة القراء والمتابعين!
ولعل تنظيم ملتقى الإعلام البترولي الثالث خلال الأيام القليلة القادمة في العاصمة الإماراتية، بعد دورتين في الكويت والرياض، يلقي الضوء على مثل هذه المشكلات التي تحيط بقطاع وصناعة النفط في دول الخليج، وأعني فقدانها العمل الإعلامي المتخصص والمنظم، الذي من شأنه أن يبسط هذا الاقتصاد لدى شعوب هذه الدول، ويثقفها في ثرواتها، ومن جهة أخرى يدافع عنها في كثير من المناسبات التي تُتهم فيها دول الخليج العربية من قِبل الصحافة في الغرب بما يخص الأسعار، وربطها بأسباب جيوسياسية، وغير ذلك من القضايا المثارة هناك.