محمد آل الشيخ
الأجدر ببشار الأسد، ومعه كاهن الفرس المقدس «علي خامنئي»، بأن يتحسّسا طول أُذُنيهما، عندما أقدما بحمق منقطع النظير على مجزرة (خان شيخون)، تلك الجريمة الشنيعة الحمقاء، التي أدت إلى استفزاز العالم من أقصاه إلى أقصاه، خاصة الولايات المتحدة، ورئيسها الشجاع «دونالد ترمب»، فانقلبت بسببها المعادلة، ومعها قواعد اللعبة في سوريا، رأسا على عقب؛ وأصبح بشار وبقاؤه في الرئاسة، أمرا محسوما، لن يستطيع حتى الروس الدفاع عنه، لأسباب موضوعية، وتحوّل هذا الوحش المغفل القميء، إلى جنازة تنتظر أن توارى التراب.
أزمة سوريا برمتها قبل قصف مطار الشعيرات، تختلف تماما عنها بعد القصف؛ فقد أحدث 59 صاروخا (توما هوك) قادمة من بارجتين أمريكيتين في البحر الأبيض المتوسط، إلى تغيير جوهري في موازين اللعبة، أدت فيما أدت إليه إلى أن أصبح بشار الأسد عمليا خارج إطار المفاوضات التي ستبدأ قريبا في جنيف، للاتفاق على حل سياسي للأزمة السورية الدامية.
أمريكا اليوم تدخل بقوة إلى ميدان الصراع والتجاذبات في الأزمة السورية، بموقفها (الجديد) المعلن، وفحواه: (ألا مكان لطاغية دمشق في أي حل سياسي مستقبلي)؛ وغني عن القول إن أمريكا إذا اتخذت موقفا، وجدت أن بواعثه تتعلق بأمنها القومي، فلن تستطيع قوة على وجه الأرض أن تقف ضدها.
ما فات على «بشار»، وكاهن الفرس «خامنئي» قراءته جيدا، أن ترامب إذا قال فعل، وأنه ليس أوباما، فاتخذا بقصف (خان شيخون) القرار الخاطئ في الزمن الخاطئ، حيث يتربع على عرش أمريكا الرئيس ترامب، وليس الرعديد المتردد باراك أوباما، الذي مسح بسمعة أمريكا، وهيبتها البلاط؛ فكان الرد مزلزلا، من شأنه أن يكون له على أرض الواقع عدة تبعات على أكثر من صعيد.
الضربة الصاروخية الأمريكية الخاطفة تحمل رسائل ذات مغزى لأكثر من طرف؛ أهمها رسالة لروسيا، فحواها أنها تجاوزت حجمها الحقيقي، وتوهمت أن (الاتحاد السوفييتي)، عاد من جديد، وتقمصت دوره حين كانت هيبته وجبروته ملء السمع والبصر، وصدقت الوهم، حتى جاءتها الصواريخ الأمريكية فجرا لتوقظها من أوهامها وأحلامها، وتعيدها في بضع ساعات إلى حجمها الحقيقي. الرسالة الثانية لإيران الملالي ومعها ميلشيات حزب الله، وأن عربدتهم في المنطقة زمن أوباما انتهت، وليس ثمة إلا الرد الحاسم الحازم والمدمر. الرسالة الثالثة لنظام الأسد، بأن التهرب من حلول الأزمة السورية سياسيا، سيفاقم من أزمته، ويزيد من مآزقه، ولن تستطيع لا روسيا ولا إيران حمايته من الغضب الأمريكي المزلزل، في عهد هذا الرئيس الجديد. الرسالة الخامسة لرئيس كوريا الشمالية الذي هو نسخة آسيوية من بشار، ولا بد من كبح جماحه. الرسالة الأخيرة، والمطمئنة لحلفاء أمريكا وأصدقائها، أن عهد «أوباما» الغابر مضى إلى غير رجعة، وأن عهدا جديدا ملؤه الوفاء للحلفاء، وردع الأعداء، قد بدأ فعلا.
قصف (خان شيخان) بالكيماوي، يبدو أنه حفر عدة قبور لكثير ممن ظنوا أن ترامب ليس إلا أوباما، يقول في الصباح قولا ويتراجع عنه في المساء، كما كان الراحل إلى مزبلة التاريخ أوباما. إنها الحقيقة التي غيرت تماماً كثيراً من المعادلات على الأرض السورية الجريحة.
إلى اللقاء