فهد بن جليد
هذه الفعالية التي تحتضنها الرياض هذا الأسبوع بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، هي من أكثر الفعاليات قرباً إلى القلب لأنَّها تحرك نوعي وتغيّر فريد في مفهوم العمل الخيري في هذا القطاع، عندما تنظّم الجمعية الخيرية للطعام (إطعام) الموتمر تحت عنوان (شركاء في حفظ النعمة) بمشاركة شخصيات محلية ودولية لتقديم خبراتهم العالمية في حفظ الطعام من الهدر, وهي النقطة الأهم التي نريد من خلالها تطوير هذا العمل - بسبر أغوار - التجارب والأفكار والنماذج الدولية والاستفادة منها محلياً, رغم أننا ولله الحمد نمتلك تجربة سعودية مُتقدمة في المنطقة.
تستحق جمعية (إطعام) الاحترام والتقديرعلى مُبادرتها تنظيم هذا المؤتمر الدولي، لتبادل الأفكار العالمية (لبنوك الطعام) الإسلامية والأجنبية، والنقاش حول طرق الاستفادة من الأغذية للحد من خسارتها وتحولها إلى (نفايات غذائية) مُهدرة، وكيفية التعامل مع ذلك قانونياً ومُجتمعياً وصحياً وأخلاقياً؟ مع استعراض اقتصاديات فائض الطعام وأحدث طرق التدوير، ودور الإعلام الجديد في التوعية، والأثر الصحي على المجتمع عند الوعي الغذائي وأثر الهدر...
- برأيي - أنَّ الجمعية (القصيرة بعمرها الزمني، والكبيرة بطموحها وتأثيرها المُجتمعي) تفوّقت على كل الجهات الخيرية والحكومية الأخرى المعنية بهذا الأمر، عندما بحثت عن الاحترافية في هذا المجال، ولم تركن للعمل التقليدي في مجرد (جمع فائض الطعام وإعادة توزيعه) رغم أهمية الخطوة وحاجتنا لاستمرارها، بل أخذت على عاتقها تقديم أفضل النماذج والتجارب في هذا الموتمر طمعاً بـ(تغيير سلوك المجتمع) نحو الإيجابية، ومُساعدته لوقف الهدر، وهي تجربة بلا شك تستحق الإشادة والترقب؟ لمعرفة ما سينتج عنها؟!
الدراسات العالمية تُقدِّر هدر ما بين 30 -50 % من الناتج العذائي العالمي البالغ 4 مليارات طن يكون مصيرها (مكبات القمامة) إن لم يتحرك العالم لوقف هذا الهدر، والاستفادة من هذه الأطنان في إطعام المُستحقين والمُحتاجين، وهذا يؤكّد أن مُشكلة الهدر عالمية، إلا أن بعض الدراسات السعودية تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في تقدير ما يتم هدره محلياً ونحن نستورد 60 % من أغذيتنا من الخارج.
من هنا تأتي أهمية هذا المؤتمر الذي تنظّمه جهة خيرية عاملة وجمعية فاعلة - بعيداً عن التنظير في الطرح - مما يُبشّر بخروج نتائج وتوصيات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، ويمكن أن تُحدث أثراً وتغييراً في معادلة الهدر محلياً وخفض الاستيراد من الخارج؟!
وهنا لا يفوتني أن أشيد برعاية صحيفة الجزيرة للمؤتمر، وهو ما يعكس دور الإعلام المسؤول في خدمة المجتمع وقضاياه .
وعلى دروب الخير نلتقي.