د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
مسك آرت «مهرجان يجمع الفنون البصريّة ويفسح المجال للفنانين لنشر إبداعاتهم والتعبير عن أنفسهم وعرض أعمالهم في أجواء إبداعية ملهمة، بحضور متذوقي الفن والمهتمين وجميع أفراد المجتمع».
هكذا وسمت مسك الخيرية المهرجان في بطاقة الدعوة، وسوف أقفُ قليلاً عند صناعة الإعلان المتفوقة التي توشحتْ بها البطاقة، حيث لخَّصت المسمى والإستراتيجية والمحتوى وفئات المستفيدين!؟ وتلكم صياغة فوارة.
وهناك في فضاءات مزهرة من رياضنا الجميلة في «درة الرياض» وُلدت «مسك آرت» وامتدت فضاءاتها الملونة منذ مساء الثلاثاء الماضي ولمدة أربعة أيام, ولم تكن هناك لحظات نتساءل فيها عن مستقبل التشكيليين، حيث كانت الصورة مضيئة أمامنا، فالإشارات الدالة على مبادرة «مسك» وصداقتها الثرية للفنون البصرية بدت إلهاماً مختلفاً, وكانت شراكاتها ذات ذائقة مختلفة أيضاً, فشباب بلادنا شغوف يتتبع مساقط الغيث، وعيون أطفالنا تشرق للجديد دائماً؛ والفنون البصرية لغة تواصل زاخرة بالوشائج الودودة التي عملت «مسك» على تداولها اليوم لتصنع من الفن منظومة حبّ وذوق وتعامل راقٍ لنشر المعرفة والمثاقفة في مجالات الفنون البصرية، في النحت والرسم الضوئي والجرافيتي ودعم الممارسين لتلك الفنون ومحترفيها في أركان ومراسم جاذبة وحية امتدت وتعانقت أهدافها وتنوعت بين المعارض التي كانت نتاجاً حاضراً وآخر تراكمياً من مبادرات سابقة في المجال ذاته, كما أتيحت فرصة الاستثمار فيما ينتجه التشكيليون مباشرة ومن خلال العرض المباشر, وكان أسلوب طرح المعرفة الشفهية للمرجعيات المتفوقة في تلك المجالات مذهلاً حقاً لما يتسم به من موسوعية المعارف عن الفنون البصرية وتاريخها وأقطابها من مؤسسي ذلك الفن وأساتذته, وتلك إطلالة مختلفة عما اعتادت عيوننا على رؤيته في معارض الفنون التشكيلية من التفاعل الصامت المقتصر على ذوي الصناعة, وكما كانت «جادة عكاظ» منبراً يعلن في كل عام استحقاق بلادنا للحضارات الممتدة؛ فقد كانت جادة الفنون في «مسك آرت» فرصة ثمينة لمرتادي المهرجان للتفاعل ومشاركة الفنانين التشكيليين المحليين والعالميين في تجربة حضارية فريدة لاستيلاد الفن من أعماق الأحاسيس إلى منصات المشاهدة الحقيقية. ومما يبعث على الإعجاب أن ذلك التفاعل كان ممنهجاً من خلال ورش ثرية تراكمية تناقش حزماً من المعارف في مجال صناعة الزخارف الإسلامية والخط العربي والمجسمات الضوئية وفن النحت والتقنيات الحديثة في دمج الألوان وغيرها من المعارف في الشأن ذاته. يقود ذلك كله فضاء مؤسسي بعد أن أصبحت «مسك» في حيازة المجتمع بكل تفاصيلها المنتمية للوطن, ومنذ أن استدارت لتقود مواكب الشباب الدافئة نحو تحقيق الفارق مستقبلاً, وبما يمكن الشباب من تجاوز المنجز الفردي وتحويله إلى معرفة اجتماعية وطنية عامة..
شكراً «مسك» فقد أخبرتنا لغة الألوان في «مسك آرت» أن وادي عبقر ما زال يحتضن شبابنا وأطفالنا، وشكراً أخرى حيث استطاع عباقرة «مسك» أن يصنعوا تناغماً بين منصات المجتمع وتكافؤاً في صناعة الفنون التشكيلية وانسيابية التطبيق, وشكراً للغة القص التي صحبتني بها المبدعة نوف العلي، حيث أعانتني على القبض على تفاصيل الصورة كاملة..