د. عبد الله المعيلي
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تنم عن فوضى عارمة في كثير من الشوارع العامة، ليس في الرياض فقط بل في كثير من مدن المملكة، ومما ساعد على انتشارها والتوسع فيها غفلة الأجهزة الرقابية من بلديات وحماية المستهلك، وتكاسل الناس بالشراء من هؤلاء الباعة مما شجعهم وجعلهم يستمرئون ذلك ويستهويهم، ظاهرة لا تليق بالمملكة، وتولد انطباعات سلبية غير حضارية، عن المجتمع السعودي.
من صور تلك الظاهرة المؤسفة، سيارات بيع الفواكه والخضار والحبحب والطماطم وغيرها، يشترونها بأبخس الأثمان من الدائري الجنوبي بالرياض ويبيعونها بأضعاف قيمتها التي اشتروها بها، كما تباع الورقيات وهي الأخطر لكون سقيها مجهول المصدر، مناظر غدت مألوفة في الشوارع والطرقات وبصفة يومية، من أين هي؟ الله أعلم، ما مدى سلامتها وخلوها من الأمراض، الله أعلم، ونوع آخر من السيارات تبيع الأيسكريمات وبطريقة بدائية عرضة للتراب والغبار والذباب، والبعض يبيع الشاي والفطائر وغيرها، جل هؤلاء الباعة من غير السعوديين، عمالة وافدة، هل لديهم تصريح؟ هل لديهم شهادة صحية؟ لا أحد يسأل، هذه الظاهرة منتشرة في الطرق العامة وفي الفترة المسائية، تزداد في ليالي نهاية الأسبوع.
لماذا يسمح لهؤلاء بالبيع في الشوارع والطرقات؟ سؤال يوجه للبلديات ولحماية المستهلك، أين المراقبون؟ واضح أنه كما يقال: « متروك الحبل على الغارب» لا سيما والأسواق المركزية ولله الحمد يتوفر فيها كل ما يحتاجه المرء من ضروريات وكماليات، وهؤلاء الباعة يؤثرون على تلك الأسواق مما يقلل من إمكانية ذهاب المواطن إلى تلك الأسواق وهي الأولى والأنظف، وبالتالي انتفت الحاجة لهؤلاء الباعة.
هل يلام الباعة؟ أم تلام الأجهزة الرقابية؟ أم وزارة العمل؟ أم يلام المواطن؟ حتماً اللوم على الأجهزة الرقابية بالدرجة الأولى، ووزارة العمل تحديداً، هي المسؤولة عن هذه الفوضى، كذلك المواطن وتساهله في الشراء من هؤلاء الباعة، أما الباعة فلسان حالهم يقول: طالما أنه لا أحد يراقب ولا يحاسب، ولا أحد يمنع، والمواطن يشتري، فما المانع من التمادي في البيع في الشوارع؟ إنها سوق سهلة مجانية، وكما يقال في المثل الشعبي: إذا هبت فاذري، أي إذا هب الهواء فاعزل القمح عن التبن.
جل المواطنين تستفزهم هذه المناظر، ويشعرون بالغيظ وعدم الرضا من ترك هذه العمالة الوافدة، تسرح وتمرح في الشوارع وتضحك على حال الغفلة التي ضربت بأطنابها، بل الران الذي لم يعد يستنكر مثل هذه الظاهرة المؤذية الخطيرة.
المواطنون يسألون الأجهزة الرقابية، ألا ترون هذه الظاهرة الناشزة التي توسعت وانتشرت في الآونة الأخيرة؟، أليست مسؤوليتكم تتبع المخالفين واتخاذ الإجراء النظامي وفق التشريعات المعتمدة؟ الظاهرة علنية سافرة مطمئنة تمام أن لا أحد يمنعهم ولا ينكر أفعالهم، لماذا هذه الغفلة؟ لا أحد يفهم ولا أحد يستوعب هذا الموقف من عمالة سائبة همل، بينما نرى وزارة العمل تهدد وتتوعد كل متعاقد يعمل في القطاع الخاص بصفة نظامية، لماذا؟ إنهم يتذرعون بالسعودة، متناسين المصلحة العامة للقطاع الخاص الذين يستجدون المواطن المؤهل ولا يجدون.
إن كان ولا بد فلتوضع أكشاك نظامية تؤجر على المواطنين وخاصة النساء السعوديات الأرامل اللاتي لا معيل لهن، كبيع الشاي مثلاً.