رقية سليمان الهويريني
أن يتمتع معلِّم بإجازة منتصف العام الدراسي أو منتصف الفصل الأول أو الثاني فهذا حقه، أما أن يقلده الموظف أو الطبيب أو القاضي ويتمتع بالإجازات الثلاث ذاتها، ويسافر مع أولاده أو أسرته أو أصدقائه، ويترك المراجعين أو المرضى أو المحتاجين لخدماته، فهذا أمر يستحق الوقفة! وإن كانت الجهة التابع لها ترى أحقيته بإجازة فإنه يجدر بها ألا تضرب للمريض أو المراجع موعدًا يتعارض مع إجازة الطبيب أو الموظف!
من المؤسف أن يذهب مريض للمستشفى بحسب موعده ولكنه يُفاجأ بعدم وجود طبيبه لأنه مجاز، وأحيانًا يغيب الطبيب استهتارًا دون أن يُشعر إدارة المستشفى! وعادة تتسامح الإدارة معه، بينما يكون المريض قد تجشم الصعاب في الحضور، وأنهكه التعب دون أن تكلف إدارة المستشفى نفسها بعرضه على طبيب غيره، ويُكتفى بمنحه موعدًا آخر بعد شهور عدة!
وما ينطبق على الأطباء ينسحب على القضاة.. فتخيل قضايا مؤجلة لتاريخ محدد ثم يأخذ القاضي إجازة؛ لتُحوَّل لتاريخ آخر بحجة أن تلك القضايا حصر على قاضٍ بعينه!
ولأننا مجتمع بحاجة إلى ترسيخ ثقافة العمل والالتزام به سلوكيًّا فإنه يجدر الحزم بعدم المماطلة في إنجاز الأعمال وتعطيل مصالح المواطنين دون مبرر؛ كونها نوعًا من أنواع الفساد الإداري الذي يستحق المساءلة والعقاب، فضلاً عن ضعف الإنتاجية والسلوكيات المعوقة التي تمثل مشكلة خطيرة للمؤسسات؛ فيحدث فيها بطء ملحوظ في إيقاع العمل؛ إذ أصبح هناك مفهوم سائد بأن الإجازات المدرسية فترة خمول وركود في دواوين العمل وقطاعات الأعمال العامة والخاصة.
إن أجهزة مثل الأمن والصحة والعدل لا يمكن أن تكون غائبة عن الحياة لحاجة الناس إليها؛ كيلا تتعطل المصالح وتتكدس قضايا عامة، يصر بعض المسؤولين على عدم تفويض صلاحياتهم واحتفاظهم بمهامهم وعدم التفريط بها، أو تتم إحالتها لغير متخصص.
ولعلنا نتفق على أن الإجازة وإن كانت حقًّا للموظف، قد كفلها له النظام، إلا أنه يشترط عدم تعطيل المصالح العامة.