د. خيرية السقاف
صناعة الأجيال ليست عبئاً ثقيلاً حين يكون مرسوماً لها، ومخططاً لتفاصيل مسالكها ومساراتها, ومقصودة أهدافها, ومقننة مراميها, ومآلاتها..
الجيل عناصر بشرية بإنجازاتِ منتج بشري هو في النهاية حصاد هذا العبء الذي يكون فكان, والذي يُبذل ليكون..
عادة, فإن المؤسسات التعليمية تضطلع بالعبء المعرفي, والثقافي, والتعليمي, والتدريبي, يشاركها بقية المؤسسات حين يكون من البدهي دور المحاضن في الغرس الأولي, ذلك لأن البيت مصدر القدوة بعد الرشفة الأولى، والمحضن الرئيس, والفسحة الثقة, ومن ثم تتسع الدائرة والمسؤولية!!
فالذي نشهد من أمر الجيل الذي بين أيدينا ما ينم عن واقع, يمتد لاستشراف متطلعٍ لعله يكون مطمئناً جداً, إذ لا تخلو المسارات من الكبوات, فالعثرات, ولا تسلم الطرق من المنعرجات, والطحالب, بيد أن الأدلة مبهجة, فنتائج الغراس ما نلمسه من هذا الوعي المرتفع سقفه بين سوادهم, وهذه الثقافة العالي مستواها فيهم, وهذه الرغبات المتدفقة في طرق سيرهم, وهذه الأعداد المبهجة منهم التي واصلت مسيرتها, وبلغت مدارج التعليم العليا, وانخرطت بين الأكاديميين، والتقنيين، والنقاد, والفنيين، والباحثين, والمبدعين تشكيليين, ومنتجين, ومخرجين, ورسامين, ومهندسين, وحرفيين, بل كتاب, وشعراء وإن هم قليلون, كذلك هم في مجالات التطوع, والإرشاد, والتدريب, والأمن, والحراسة, والبيع, والعسكرية, والضيافة, قد أخذوا مواقعهم, نجدهم خلف آلات المصحات, وفي مداخل المنشآت, وحيث تلتفت تواجهك وجوه سمحة, وابتسامات واثقة, وأيد عاملة, وخبرة مبهرة, وأخلاق مميزة, وسلوك نابه مفرح..
حتى في مجال الكتابة تطورت أساليبهم, وتنوّعت فنونهم, وتشذّبت لغتهم, واتسعت ثقافتهم, ورقّت ذائقتهم, وتعددت اللغات في ألسنتهم, وقويت ملكات حوارهم, وحججهم, دون أن ننظر إلى «سواد الغوغائيين في مواقع التواصل» فهؤلاء لا يمثّلونهم, لا يمثّلون أبناءنا الرائعين!!..
إن هذا الجيل, هو الجميل المبهج الذي تقابله الآن حصاد صناعة واعية, وثمار استثمار فاعل,
لن ننكر وجود ما يكدر في شواهد أخرى, لكن الصورة الغالبة الآن تنبئك بجيل يقفز نحو الطموحات, ويتسنم مواكب الغايات, ويركض نحو تحقيق الأهداف وبلوغها..
السلام للآباء الواعين,
السلام للمعلمين الخلّص الأوفياء,
سلام لكل عنصر يعمل في بناء الإنسان, ليجعله القادر المتمكن من سلوك يأخذ به نحو ما يثري, ويقصيه ليلفظ كل ما فيه خسارة وندما.
السلام لكم أبناءنا المنخرطين بجد في مسالك البناء الذاتي, وتكوين الهوية الخاصة, وإنتاج الثمر المميز..
سلام للأيام القادمة المشعة بكم..
أنتم بناتنا, أبناؤنا, الطموحون, المثابرون, المتطلعون, المجتهدون,
و.. المتواضعون !!.