«الجزيرة» - الاقتصاد:
نوه وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، إلى أن ما يميز المملكة موقعها الجغرافي الاستراتيجي، الذي أهلها لأن تكون مركزاً مهماً للصناعات والخدمات المتعلقة بقطاع الكهرباء، ويسّر لها أن تنهض بدورٍ جوهري في منظومة الربط الكهربائي مع دول مجلس التعاون الخليجي، كما جعل منها حلقة الوصل الأهم في مشروع الربط الكهربائي بين الدول الأعضاء وبقية دول العالم العربي.
وقال «إن مشروع الربط الكهربائي بين دول الخليج أدَّى دورا رئيسيا في تعزيز الأمن الكهربائي لهذه الدول وأسهم في تخفيض حجم الاستثمارات الرأسمالية المطلوبة لتوليد الكهرباء الاحتياطية لكل دولة منها»، مشيرا إلى أنه تم تحقيق نقلة نوعية في عام 2016 في تبادل الطاقة بين دول المجلس، حيث شهد ذلك العام انطلاقا فعليا للسوق الخليجية المشتركة لتبادل الطاقة الكهربائية، وأتاح المشروع إمكانية نقل وتبادل الطاقة الكهربائية بين دول مجلس التعاون على أسس تجارية، مبينا أن حجم التبادل التجاري في الطاقة الكهربائية بلغ في 2016 أكثر من 130 ألف ميجاوات / ساعة، «ونحن نعتقد، بكثيرٍ من التفاؤل، أنه يمكن تكرار تطبيق هذه التجربة الناجحة وتوسعتها لتشمل بقية أنحاء العالم العربي».
جاء ذلك خلال ترؤسه وفد المملكة المشارك في الدورة الـ 12 للمجلس الوزاري العربي للكهرباء أمس، حيث أشاد في كلمة افتتاحية ألقاها في الاجتماع بالعمل العربي المشترك من خلال هذه المجالس، وما حققته من إنجازات، مؤكِّداً أنه ما يزال أمامها الكثير من التحديات والفرص الواعدة، لمزيد من العطاء والإنجاز في قادم الأيام.
وأثنى الفالح على برنامج الأعمال لهذه الدورة، والذي تضمن عدة بنود، من بينها الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، تحديث الاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجـددة (2010 - 2030) التي اعتمدت في القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية بالرياض عام 2013 كإطار للعمل العربي المشترك في مجال الطاقة المتجددة.
ونوَّه بتقرير الإنجازات قائلاً: «لقد شعرت بالاعتزاز وأنا استعرض برنامج عمل اجتماعات الدورة الـ 12 للمجلس الوزاري العربي للكهرباء، وتقرير الإنجازات التي حققها مجلسكم في مجالات متعددة، ومنها الربط الكهربائي العربي، إنشاء السوق العربية المشتركة للكهرباء، ومجالات أخرى، ذات أهمية، تحدث عنها الرئيس والمتحدثون قبلي؛ لكنني أيضاً، استشعرت عظم المسؤولية الملقاة على عواتقنا، والمُتمثلة في المضي قُدُماً في استكمال العمل المطلوب لإنجاز أهداف المجلس الطموحة، بما يتوافق مع تطلعات قادتنا الرامية لتحقيق الرفاهية والحياة الكريمة لشعوبنا العربية».
من جانب آخر، تحدث الفالح عن حرص المملكة ودورها المحوري في العمل العربي المشترك في مختلف المجالات، بقوله «لا يخفى عليكم أن المملكة حريصةٌ، كل الحرص، على الإسهام بفاعليةٍ في العمل العربي المشترك، وذلك انطلاقاً من مسؤوليتها تجاه الأمتين العربية والإسلامية، ولما تمتلكه المملكة من الإمكانات والخبرات المتنوعة التي تؤهلها لأن تكون رائدة في العمل العربي المشترك في جميع المجالات، ومنها مجال الكهرباء، حيث أضحت المملكة تمتلك واحدة من أكبر منظومات الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ بقدرات توليد تجاوزت 75 ألف ميجاوات، تخدم أكثر من 8.5 مليون مشترك، من خلال شبكة نقل تجاوز طولها 70 ألف كيلومتر، وشبكة توزيع تجاوز طولها 600 ألف كيلومتر».
وحول ما يمكن أن تقوم به المملكة ومصر من دور مهم في إنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء ترتبط مستقبلاً بأسواق أخرى، أوروبية وأفريقية، أكد المهندس الفالح على أهمية العلاقات التاريخية الراسخة بين المملكة ومصر، وأهمية التعاون في مختلف المجالات، قائلاً: «إن انعقاد هذا المؤتمر في القاهرة، يسعدنا، في المملكة، ويشكل بالنسبة لنا امتداداً وترسيخاً لعلاقات تاريخيةٍ وطيدةٍ تجمع المملكة مع مصر، وتعزيزاً لمسيرةٍ متميزةٍ من التعاون الأخوي الوثيق الذي شمل، على مرّ السنين، جميع المجالات، بين البلدين، وتجسّد على مستوى القيادتين والشعبين وحكومتي البلدين؛ والذي يأتي في إطاره اللقاء المرتقب لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - بالرئيس عبد الفتاح السيسي، في الرياض خلال الشهر الجاري».
وأشار إلى احدى ثمار هذا التعاون بين المملكة ومصر في مجال الكهرباء تحديداً، يأتي خط الربط الكهربائي بين البلدين كاحدى ثمار التعاون الثنائي الوثيق فيما بينها في العديد من المجالات، ونحن نسعى لأن يدعم هذا الربط، هدف هذا المجلس لِإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء، يمكن ربطها، مستقبلاً، بأسواق أخرى مثل شبكات الربط الكهربائي الأوروبية والإفريقية.
وقال الفالح: لقد تبنت المملكة «رؤية 2030» لتكون منهجاً وخريطة طريق للعمل الاقتصادي والتنموي في المملكة، وقدر سمت الرؤية التوجهات والسياسات التنموية العامّة للمملكة، وحددت الأهداف والالتزامات الخاصّة بها، لتكون المملكة نموذجا رائدًا على جميع المستويات، ويأتي برنامج المملكة للتحول الوطني 2020، ليمثل أولى الخطوات والبرامج التنفيذية لرؤيتها الطموحة.
وفي إطار هذا البرنامج وتحديداً فيما يتعلق بقطاع الطاقة الكهربائية، تتواصل الآن خطواتٌ حثيثةٌ لإعادة هيكلة قطاع الكهرباء؛ سعيا لتعزيز الاستثمار في مشروعات الكهرباء، وفي الصناعات والأنشطة والخدمات المرتبطة بها. وكذلك نسعى لتنويع مصادر الطاقة المُستخدمة في إنتاج الكهرباء، وفي هذا فإنَّ البرنامج الوطني للطاقة المتجددة يهدف إلى التوسع في استغلال مصادر الطاقة المتجددة، حيث نُخطط في المملكة، لأن تُسهم هذه المصادر بتوليد نحو عشرة آلاف ميجاوات بحلول عام 2023، وفضلاً عن الأثر البيئي الطيّب الذي يتركه مثل هذا التوجّه، فإنه سيُسهم كذلك في خلق الكثير من الفرص الوظيفية والعديد من المجالات لتوطين سلسة الإمداد والصناعات المُتعلقة بالطاقة الكهربائية، وتعزيز القيمة المضافة.
كما أكد الفالح أن المملكة تضع جميع الإمكانات والخبرات التي تتميز بها، في خدمة العمل العربي المشترك، من خلال هذا المجلس الموقر، وتحت مظلة الجامعة العربية، متأملا أن يَتمكن بمساندة زملائه في قطاع الكهرباء في المملكة، من القيام بالدور المأمول منا لإنجاز أعمال المجلس على الوجه الذي يلبي تطلعات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -، وسائر القادة العرب، وذلك لتعزيز العمل العربي المشترك بما يحقق المصالح العليا للدول العربية ويُسهم في توفير أسباب الرفاه والحياة الكريمة لشعوبها.