أ.د.عثمان بن صالح العامر
هناك من الناس من ينتقل بجسده من بلد لآخر أو من منطقة لثانية ولكنه لا يتيح لعقله أن يرحل معه بل يظل محتفظاً بذات التفكير وبنفس النظرة للأشياء التي يراها، والناس الذين يتعامل معهم، ولذلك هو وإن غير المكان لا يتغير في داخله مع كثرة رحلاته وتعدد أسفاره، خلاف السائح الحقيقي الذي يتجدد بعقله في كل يوم يقضيه خارج أرضه، يتعرف على آلية تفكير الآخر ونظرته للأمور ومعايير ومقاييس الأشياء لديه، وهذا تجده مع الزمن يمتلك خبرات متراكمة، ويتعرف على عوالم متجددة، ويربي أولاده على سعة الأفق، واحترام الآخر، والتعامل مع الأفكار لا شخصنة القضايا، يتعزز عند أصحاب هذا اللون من السياحة العقلية/ الجسدية المفتوحة القراءة التراكمية للتجارب الشخصية، والتأمل في أحداث وصفحات التاريخ القديم منه والمعاصر التي توجد لديهم حب العالم من حولنا، وعشق تعلم فنون من العلوم قد تكون في رحم الغيب المجهول عند غيرهم كامتلاك مهارة التحدث بأكثر من لغة، وزيارة الأحياء القديمة، والتعرف على عادات الشعوب وتقاليدهم.
لقد أتاحت بعض مواقع وسائل التواصل الاجتماعي خاصة "السناب شات" لمتابعيها حب هذا النوع من السياحة التي تجعل السائح ينتقل إلى أي مكان في العالم وهو يعرف شيئاً عنها، ويملك مهارة التعالم مع شريحة عريضة من أهلها
وهذا سيولد - في نظري- التقارب العالمي مع مرور الزمن، ويمد جسور التواصل العالمي يوما ما، إذ بالعقل لا بالجسد يتحقق لنا التعايش الحقيقي ومن خلاله سيحل السلام العالمي، وهذه مسئولية ملقاة ليس فقط على رب الأسرة الذي يصطحب عائلته لسياحة خارجية بل هي مسئولية شركات السياحة العالمية ومكاتب الخدمات الترفيهية التي يجب عليها أن تعطي المعلومة الكاملة عن البلد محل الأنظار فنحن اليوم ننتقل من مرحلة السياحة الاستجمامية إلى سياحة الترفيه المعرفي، والسائح السعودي خلال العامين السابقين أعتقد أنه قطع شوطاً لا بأس به في هذا المضمار وبقي علينا أن نشيد بهذا التغيير الإيجابي البناء ونشجعه، نتعرف على التاريخ، الأبطال، الأحياء، الأحداث، العادات، الأشعار، الروايات... فنحن شعب يجل العقل ويحترم المنطق العقلي ويزن الناس بحكمهم وأمثالهم، بسلوكهم وتعاملاتهم، بتحكيمهم لعقولهم التي هي مناط التكليف، دمتم بود والسلام.