رقية سليمان الهويريني
يأتي الحماس وترويج بيانات التحريض والإثارة في صدارة دوافع الغلو والتطرف، ذلك التطرف المقيت الذي يفت في عضد المجتمع، فيتحول من مجتمع قوي متماسك إلى آخر ضعيف مهلهل! وتنقلب المجتمعات التي يسودها التسامح والحوار والإيمان بالاختلاف ونبذ العنف، إلى مجتمعات متناحرة ترفض الاختلاف وتلجأ لوسائل العنف المختلفة في تصفية الآخر!
ولعل أسوأ مظاهر التطرف هو التطرف الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولن يتأتى علاجه إلا من خلال ابتداع وسائل وتقنيات إلكترونية لمواجهته، ولن تتمكن الحكومات من محاربته ما لم تسعَ إلى تطوير وسائل الإعلام في مكافحة التطرف وجرائمه، وطرح حلول علمية وعملية للوقاية منه، وتطوير دور الشباب والمؤسسات المعنية في التصدي له، ومن المهم التنسيق مع المؤسسات التعليمية وتفعيل دورها في مواجهة ظاهرتي التطرف والإرهاب، ونشر ثقافة التسامح والارتقاء بدور الحوار البناء، وغرس قيم الوسطية والاعتدال والتعايش داخل المجتمع. فضلاً عن تشجيع الباحثين والمتخصصين لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة وتحديد محفزات التطرف وإزالتها.
وبرغم تعثر جهود إعادة إحياء التعددية والتعايش السلمي في المنطقة العربية؛ فإنه من المحتم إعادة النظر في نوعية الخطاب الديني السائد الذي يدعو لنسف الآخر، ووقف بيانات التحريض والتحفيز والكراهية وتطوير السياسات المكرسة لبناء الجهود لدفع أي خطر محدق!
ومن الأهمية بمكان العمل على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشباب وخلق فرص عمل مناسبة لهم لحماية حقوقهم وجعلهم يشاركون في بناء مستقبل بلادهم، وبناء قدرات الحكومات والمجتمعات لتتمكن من التصدي للأساليب التي يستخدمها المتطرفون لتجنيد الأفراد، لاسيما وأن الجماعات المتطرفة تستغل تظلمات الشباب وتضجرهم في استقطابهم وشحنهم ضد حكوماتهم.
إني أرقب بوجل جذور التطرف الفكري وهي تضرب في أرض وطني، وتتغلغل في أوساط المجتمع من خلال نشر الرسائل المتزمتة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولئن كان الآن تطرفاً ناعماً في بعض جوانبه؛ فأخشى أن يتحول لتطرف عنيف وغلو وحشي وهو ما يستدعي علاجه بحكمة وتروٍ وبشكل فعال وبطريقة شاملة.