د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
** يبالغ بعضُنا في تحميل التأريخِ مسؤوليةَ التصديق والتصفيق فيعتمر أوليةً في غياب التوثيق والتدقيق، وفي ظل قصور التأريخ الشّفهي المبعثر بين القبور والصدور والأوراق المهملة والتالفة.
** هنا تَذيع المعلومةُ الخاطئةُ، ويُنسب الفضلُ إلى غير أهله، وقد ترتد النتائجُ بصورةٍ سلبية على من شِيءَ مدحُه، وفي إحدى المناسبات الثقافية أشار صاحبكم إلى «ادعاء أوليةٍ» - وهو أسلوبٌ لم يرقْ لبعض من تبناها - ولم يكن لديه ما يثبت مثلما لا يتوفر أمامه ما ينفي؛ فلم يجزمْ بغير علم،وكان هذا مخرجًا من الإسهام في لعبة «التضليل والتطبيل»؛ أكان مقصودًا أم عفويًا، ولم يمضِ يومان حتى زوده صديق متخصصٌ بما يؤكد شكوكه؛ فالأوليةُ مثبتةٌ في موقعٍ آخر لقومٍ آخرين.
** وفي المقلب المواجه يطرأُ سؤالٌ موازٍ عن قيمة «الأولية» إذا لم تتعزز بتركيمٍ نوعيٍ يُضيف ويُضفي، إذ دون امتدادها رأسيًا وأُفقيًا تفقد معناها ومبناها،والاستمرار شرط الريادة، والتيقن مدارُ الحكم، والأمر يحتاج إلى نفيِ أسبقيةٍ كما إثباتها، والظنُّ أن اجتماعهما معًا عسير؛ فلم لا تتبنى جهةٌ بحثيةٌ إصدارَ قائمة الأوليات ومنح «مشهدٍ رسمي» بها لمن يستحقها كي لا تبقى الدعاوى دون بينات؟
** وتجيءُ الاستفهاماتُ الأهم؛ فهل نحن صادقون في علاقتنا بالتأريخ ومخلصون لشروطِ تسجيله وتداوله؟ أم هل التأريخُ مؤمنٌ بما نقرره ونُعلِّمه؟ ولمن ستكون كلمة الفصل بعد انتهاء التأثير الآنيِّ لكتبته والنفعية المتبادلة بينهم وبين صانعيه؟ وهل ما نقرأُه اليوم تأريخٌ أم رؤىً ؟ وأين تتوارى الحقيقة؟ أفيما يرويه المؤرخون بأدلجاتهم وتبعياتهم السياسية والمذهبية أم ما تضمه الوثائقُ مما لا يُرى ولا يحتفي به الإعلامُ الصدى؟ وهل نتفق على أن التأريخَ ليس علمًا تجريبيًا وأن كل ما فيه تنظيرٌ يقبل النفي والإثبات، وأن المطالبين بإعادة كتابته واهمون وهائمون، وأن الفراغ الممنهج لا يُزيله الفراغ المؤدلج .
(2)
** ملتقى «دارين» الثقافي الثاني إنجازٌ كبير يُحسب لنادي المنطقة الشرقية ومجلس إدارته برياسة الأستاذ القدير محمد بودي ضمَّ نخبًا من أنحاء الوطن ومن دولٍ شقيقة وصديقة امتدت بين طوكيو وداكار؛ فليهنأ النادي والمنتدون.
** «دارين» جزيرةٌ وادعةٌ تَزينها روح أهلها العامرةُ بالمحبة، وتعلو قاماتهم بعلو انتمائهم لتأريخهم العريق ووطنهم المؤثل، ويستحق ناسُها وآثارُها عنايةً أكبر.
(3)
** عمرت زيارة العم محمد ابن الشيخ عبدالرحمن الناصر السعدي بمنزله المضياف في الخبر بحديثٍ شجيٍ عن ذكريات تسعة عقود، شفاه الله.
(4)
** العم محمد العبدالله الزامل يسكنه اللطف والطيبةُ والحس التنويري والمحافظة الواعية، وله مجلس يومي في دارته بالخبر متوجٌ بحب مرتاديه على مدى نصف قرن؛ رعاه الله.
(5)
** الإنسان روايةٌ وراوي.