م. خالد إبراهيم الحجي
إن مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم، وأكثرها حيوية بالنسبة لدول الخليج العربي؛ لأنه يصل بين المحيط الهندي والخليج العربي، ويقع بين إيران من جانب ودول الخليج العربي من الجانب الآخر، وعرضه 50 كم (30 كم في أضيق نقطة)، وعمقه 60 مترًا فقط، وتعبره 20 - 30 ناقلة يوميًّا، بمعدل ناقلة كل 6 دقائق في ساعات الذروة، محمَّلة بنحو 40 % من النفط والغاز السائل الخليجي من موانئ دول الخليج العربي التي تمتلك مجتمعة ثلثي احتياطي العالم من النفط والغاز، والمملكة أكبر مصدِّر للنفط تمتلك منفردة ربع احتياطي العالم منه. ومن خلال قراءة الواقع الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وتحليلات السياسيين والعسكريين الدوليين يمكن بلورة الوضع الإيراني وسياستها بشأن مضيق هرمز والخليج العربي في النقاط الثلاث الآتية:
الأولى: إيران سبق أن هددت أكثر من مرة بإغلاق مضيق «هرمز» على لسان نائب قائد الحرس الثوري الذي قال إن «إيران لن تسمح بعبور السفن التي تهدد أمنها من هذا المضيق» في معرض تعليقه على مشروع قرار للكونجرس الأمريكي، يستهدف فرض عقوبات إضافية اقتصادية. كما قال «إننا مضطرون للتصدي بحزم لأي حركة عبور مضرة من مضيق هرمز، ونحذر أمريكا وشركاءها وحلفاءها الإقليميين» (يقصد دول الخليج العربي).
الثانية: صرَّح الجنرال جوزيف فوتيل قائد الجيش البري في القيادة المركزية الأمريكية أمام لجنة الكونجرس بأن سلوك إيران العدائي تضاعف بشكل خطير بعد توقيعها الاتفاق النووي، الذي من مظاهره الواضحة سيل الهجمات الإلكترونية التي تنطلق من مواقع إيرانية باتجاه بوابات الإنترنت الإقليمية والدولية في محاولات عابثة لتعطيل شبكات المعلومات فيها أو تخريبها. ومن المؤكد أن هذا السلوك لا يقل تخريبًا أو تدميرًا أو فتكًا عن توظيفها العملاء، وتجهيزهم للقيام بأعمال التفخيخ والتفجير، وإثارة القلاقل في دول الجوار، وعلى وجه الخصوص محاولاتها المتكررة في مملكة البحرين.
الثالثة: تطبِّق إيران سياسية خلق مناخ التوتر في المنطقة؛ فتقوم البحرية الإيرانية بممارسة مختلف أشكال التحرش والاستفزاز في المياه الدولية للخليج العربي، مع حرصها الشديد على عدم وصوله إلى حد الصدام المسلح. وتارة أخرى تلجأ إلى التهدئة لتتفادى الصدام المسلح، خاصة مع القوة البحرية العسكرية الأمريكية الضاربة في الخليج العربي. وتارة أخرى تلجأ إلى التراشق الإعلامي، وتصريحات التهديد المتغطرسة عندما تعتقد أن العالم يصغي لها لتحقيق مكاسب سياسية. ودول الخليج ذات سيادة مستقلة، وقادرة على حماية منابع النفط والغاز المنتشرة على ساحل الخليج العربي حماية مُحكمة بدوريات الطيران المستمر على مدار الساعة، علاوة على استخدامها شبكات متطورة جدًّا للإنذار المبكر المتصلة بشبكات من أسلحة الدفاع الجوي القادرة على اصطياد الصواريخ البالستية الإيرانية بمجرد دخولها المجال الجوي الخليجي الإقليمي. والمملكة ليس من مبادئها انتهاز الاضطرابات الإقليمية أو الأزمات الدولية لصالحها، أو استغلال البترول كسلعة تحقق منها مكاسب سياسية على حساب الغير؛ لإيمانها أن استخدام البترول ينحصر في تحقيق أهداف التنمية الوطنية فقط. ومن سياساتها الأساسية الثابتة عدم البدء بالاعتداء على الغير، ولكن حماية حرية الملاحة الدولية وسلامة سيرها وعبورها في مضيق هرمز مسؤولية دولية مشتركة، خاصة مع الدول الغربية التي لها مصالح مشتركة مع دول الخليج العربي. ومن هذا المنطلق تنتظر المملكة من دول العالم الغربي أن تقاسم المملكة ودول الخليج العربي المسؤولية في حماية المصالح المشتركة على أرض الواقع، وأن تأخذ في الحسبان التوقيت الصحيح والتحرك السريع لمواجهة التهديدات المحتملة لمنظومة المصالح الدولية المشتركة التي يقع في مقدمتها وعلى رأسها حماية الملاحة الدولية في مضيق هرمز. لكن وضع إيران الراهن يدل دلالة واضحة على عدم تعهدها والتزامها ببقاء مضيق هرمز مفتوحًا لحرية الملاحة البحرية وسلامتها.. وعلى جميع أعضاء المنظومة الدولية تقدير وضع إيران الراهن في المنطقة تقديرًا صحيحًا، وعدم التقليل من شأنه أو التهاون فيه؛ لأن إيران يمكن أن ترتكب كثيرًا من الحماقات التي قد تصل إلى إغلاق مضيق هرمز بالقوة العسكرية للإضرار بالمصالح الدولية المشتركة. وإذا وصل الأمر إلى هذا الحد فستكون النتائج حتمًا كارثية. ودول العالم المستفيدة من منظومة المصالح الدولية المشتركة عى ثقة كبيرة جدًّا بأن الولايات المتحدة الأمريكية بما تمتلك من قدرة استخباراتية فائقة ووسائل إنذار مبكر وقوة عسكرية ضاربة في الخليج العربي ستقوم بمسؤوليتها في حماية منظومة المصالح الدولية المشتركة من الخطر الإيراني الداهم.
الخلاصة:
إيران يجب أن تضع نهاية لخطرها على منظومة المصالح الدولية المشتركة في الخليج العربي، أو أعضاء المنظومة سيضعون نهاية حاسمة لخطرها.