غسان محمد علوان
كعادته.. لبى النداء عندما استنجدوا به. ضاقت بهم الحلول.. بعدما تاهت أقدامهم عن الوصول. من مثله إذا اشتد النزال.. ومن يغار مثله على الهلال. أقل من عشرين دقيقة.. كانت كافية ليريهم الطريق ويضعهم على خطى الذهب. انطلق حاملاً همهم.. ولاحقه من يصغره عمراً وإنجازاً بلا فائدة. حاول إيقافه عبثاً.. فخطى الذهب ليست حقاً مشاعاً للجميع. فهو دون غيره.. يحفظها خطوة خطوة.
انتهى اللقاء الجماهيري المرتقب بين الهلال والنصر بهدفين دون مقابل كانت قابلة للزيادة والمضاعفة في لقاءٍ لم يظهر به سوى الهلال. سيطر الهلال على اللقاء من الصافرة للصافرة، فاستحق بذلك التأهل لنصف نهائي كأس الملك ليقابل خلاله التعاون الطامح في تكرار إنجاز الوصول للنهائي الكبير للمرة الثانية في تاريخه. بدأها ميليسي وأنهاها عمر، بأمرٍ من الشلهوب في كلا الهدفين. فالشلهوب الذي كان وما زال نسمة هواء باردة يتنفسها الهلاليون، ما زال يقدّم الدروس الواحد تلو الآخر لكل من يعشق كرة القدم. فمع الرغبة.. لن تكون السنين الطوال عائقاً للإبداع. ومع الالتزام.. ستُجبَرُ كرة القدم على الإنصاف. ومع القتالية.. الوصول للأهداف طريقها أقصر.
المثير للاهتمام ليس الفوز الهلالي على النصر، فتاريخ المواجهات يميل لكفة الأزرق. وليس أيضاً اقتراب الهلال خطوة إضافية من لقبٍ جديد، فخزائن الزعيم عامرة بذهبٍ لا يوجد لدى غيره من المنافسين. ولكن المثير للاهتمام فعلاً، هو محمد الشلهوب الذي استحق دون جدال أن يكون نجم اللقاء الأول رغم قصر الدقائق التي شارك فيها. ورغم إبداع أكثر من لاعب هلالي في هذا اللقاء الكبير مثل عطيف وسلمان وميلسي وإدواردو. في ظل غياب لثلاثة عناصر هامة لها ثقلها وتأثيرها في الهلال والمنتخب على حدٍ سواء متمثلة في الشهراني والدوسري للإصابة والعابد بقرارٍ فني من دياز نتيجة عدم الانضباط. وكأن العابد يجحد ويستنكر جهود إدارته التي سعت وبكل قوة لرفع الإيقاف الظالم عنه، ونجحت بذلك ليتمكن من المشاركة في هذا اللقاء الهام. ولكنه ضرب بكل ذلك عرض الحائط، مواصلاً مسلسل خذلانه لفريقه وجماهيره وإدارته، وخذلانه قبل ذلك لنجومية نواف داخل الملعب بتصرفات المراهقين خارجه. فكان قرار المدرب والإدارة بإبعاده، انتصاراً لمبادئ الهلال أولاً. وتصريحاً عملياً على أرضية الملعب بعيداً عن الادعاءات الإعلامية التي يطلقها منافسو الهلال من فترة لأخرى، بقوة دكة الهلال واختلافها وتفوقها كماً ونوعاً عن بقية الأندية.
انتهى النزال في ساحة كأس الملك، لينتقل الهلال لساحة الدوري في لقاء صعب بكل المقاييس أمام رائد التحدي والذي لن يكون لقمة سائغة للزعيم في طريقه نحو تحقيق لقب الدوري، وهذا ما أثبته لاعبو الرائد في لقاء الذهاب وعلى أرض الهلال والذي انتهى بفوزٍ هلالي صعب في آخر دقائق اللقاء.
تحية إعجاب وتقدير للاستثنائي محمد الشلهوب، الذي أثبت للجميع أن كرة القدم تلعب بالعقل والقلب قبل أن تركلها الأقدام. فهل من مستفيد من هذه الدروس الفنية المجانية، أم ستمر على اللاعبين دون تفكرٍ أو تدبر؟