أ.د.عثمان بن صالح العامر
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر تسليم رئيس بلدية محافظة العويقلية (130 كلم شرق مدينة عرعر) «محمد هلان»، المواطن «بادي المزيريب» شهادة شكر وامتنان، بعد أن زاره في منزله تقديراً من البلدية ممثلة برئيسها للمواطن بادي الذي دأب على تقديم وجبة الإفطار والمشروبات الباردة لعمال النظافة في الحي الذي يسكن فيه صباح كل يوم، وصاحب الخبر صورة بادي وهو يقف فوق رؤوس خمسة من عمال النظافة يمد لهم الشاي وهم يتناولون طعام الإفطار على الرصيف، وصورة أخرى وهو يستلم شهادة التقدير من رئيس البلدية.
* المؤيد لهذا الصنيع اعتبر هذه صورة من صور الكرم الحقيقي الذي يختلف عن المهايط والبذخ طلباً للشهرة وبحثاً عن الجاه ومن أجل القيل والقال، فهو بذل ماله من أجل عمالة محتاجة، وسخر نفسه لخدمتهم فعكس صورة مثالية للمواطن السعودي في تعامله مع هذه الفئة بالذات التي لن تنسى ما قام به ابتغاء وجه الله، بل ستنقل ما عايشته لمجتمعها هناك، وستحكي قصتها للأجيال، خاصة أنه حافظ على القيام بهذا الفعل الخيّر صباح كل يوم.
* المعارض اعتبر هذا الفعل سبباً في تكاسل العمالة عن القيام بواجبها الموكل لها، فهي ستركز أعمال النظافة التي تقوم بها قريباً من منزل بادي ومن يفعل مثل فعله، وتهمل بقية شوارع الحي، وساق - من باب الاستطراد والبرهنة على ما يقول - شاهداً على ذلك تجمع عمال النظافة عند إشارات المرور ووقوفهم بين السيارات لحظة توقفها والنظر في وجه السائقين انتظاراً لما تجود به أنفسهم عليهم، أو انتظار عامل النظافة خروج صاحب البيت والتظاهر لحظتها بأنه جاد في تنظيف ماحول مسكنه طمعاً بالعطاء منه، وهذا أثر سلباً على مستوى النظافة في الشوارع الفرعية والحارات المتوارية عن الأنظار التي لا عطاء فيها خاصة في ظل غياب الرقيب وتهاون مسئول المتابعة عنهم الذي هو غالباً من نفس الجنسية ويسكن معهم في سكن الأمانة أو البلدية، أو أنه سعودي الجنسية إلا أنه لا يكترث في الأمر لسبب أو لآخر.
* ومع أن الصورة التي ساق المعارض قد تكون موجودة في عدد من مدن ومحافظة المملكة إلا أنها - في نظري - ليست ظاهرة، فضلاً عن أن دعوة هؤلاء العمال - الذين ينزلون للميدان من أجل تنظيف شوارعنا وأحيائنا السكنية - مع صلاة الفجر، أقول إن دعوتهم لتناول طعام الإفطار يختلف عن مد المال لهم باعتبارهم متسولين يسألون المارة وينظرون لما في أيديهم، ولذلك فإن المواطن «بادي المزيريب» هو عنوان من عناوين الكرم الحقيقي والإنسانية الفياضة وبذل الخير لمن هم في أمس الحاجة لهذا العطاء لحظة جوع ومسغبة فجزاه الله خيرا ولا حرمه الأجر، وهذا وأمثاله من يستحقون التكريم والتقدير، فالشكر له على ما جاد وتفضل، والشكر موصول للبلدية على مبادرتها في تكريمه، ونشر خبره لعل غيره يقتدي به، دمتم بود والسلام.