سامى اليوسف
ألخص مسألة الاحتراف للاعب كرة القدم في ثلاث كلمات: أخلاق (تشريعات وحقوق لك وعليك)، مسؤولية (شعور وإحساس)، والتزام (عمل وانضباط). وهذه هي المهنية بعينها.
عاد نجوم وكبار لاعبي العالم بعد الفراغ من التزاماتهم مع منتخبات بلادهم خلال أيام الفيفا لتأدية واجباتهم (أعمالهم) مع فرقهم كمحترفين (يتقاضون أموالاً مقابل هذه الوظيفة) دون كلل أو ملل، أو تبرم وضجر.. في مساء السبت «في موعد ديربي الرياض نفسه» حرث الثنائي اللاتيني.. الأرجنتيني أنخيل دي ماريا ورفيق دربه النجم الأوروغوياني إدينسون كافاني أرض ملعب «بارك أولمبيك ليون» معقل فريق ليون، ليؤكدا تفوق فريقهما «الباريسي» باريس سان جيرمان ويتوجانه عن جدارة بلقب بطولة كأس كأس الرابطة الفرنسية لكرة القدم للمرة الرابعة توالياً بعدما تغلب على موناكو 4 - 1.
ركض دي ماريا وكأن له قلبين ولم يشتك من الإرهاق بسبب نقص الأكسجين بعد عودته من لاباز عندما خسر منتخب بلاده «التانغو» من بوليفيا، وحسم كافاني المباراة بالهدفين الثالث في الدقيقة 54، والرابع للفريق في الدقيقة التسعين، ولم أسمع له كلمة واحدة تدين الإرهاق خلال تصريحه لمراسل شبكة «بي إن سبورتس» عقب المباراة مباشرة، بل كان وزملاؤه يتحدثون عن حلم جماهيرهم، وطموحاتهم المتبقية في الموسم.
هكذا يكون الالتزام، تضحية وأخلاص وعمل دؤوب، ولماذا نذهب بعيدًا إلى باريس «عاصمة النور والعطر»، لم لا نتحدث عن الرياض الحبيبة، حيث مقر زعيم أندية السعودية وآسيا، الهلال، أو «النادي الملكي»، فالقائد محمد الشلهوب وهو يركض في عقده الرابع احتاج فقط 19 دقيقة ليحسم موقعة الديربي من تمريرتين تعكسان ذهنية «صافية» ورؤية كروية «ناضجة» وعطاء بدني «سليم» سجل من خلالهما ميليسي وعمر خريبين هدفا المباراة.
هكذا يكون العطاء، شعور وإحساس بالمسؤولية، فالاحتراف المحلي نقل حياة بعض اللاعبين من طبقة الكادحين البؤساء إلى الطبقة المخملية في غمضة عين، وفي غمضة عين أخرى قد يتبخر ويطير كل شيء ولا يبقى إلا السمعة والسيرة، ماذا صنع؟، وما الذي أنجزه؟.
سألت مسؤولاً عن الاحتراف ذات يوم عن أحد النجوم المشاهير، وكانت إدارة ناديه حين السؤال تبحث عنه لتغيبه وعدم التزامه، فأجابني «ذهبنا إلى والده لنسأل عنه، فقال إذا وجدتموه أبلغوه سلامي وسؤالي عنه»، الله المستعان، بعد حياة البذخ والشهرة يبحث الآن عن فريق حواري يدفع له 500 ريال ليلعب معه!، وشاهدت بعيني لاعباً نجماً لا يشق له غبار في خانته يأتي إلى التدريبات الصباحية «مواصل من السهر يسحب قدميه» استهتارًا ولا مبالاة، وكان حينها راتبه يفوق الـ200 ألف ريال، هو الآن «يفحط» من أجل استلام مستحقاته من آخر نادي ارتدى قميصه بعد سلسلة من الانتقالات المتعثرة، نجوميته «ذهبت مع الريح»، أفلا يعتبر غيره ممن قلب ليله إلى نهار، وانغمس في الملذات وترك الواجبات؟!.
فاصلة
النجم السوري عمر خريبين لم يكتفِ بقتاليته في الملعب التي أسر بها قلوب جماهير «الزعيم»، بل زاد عليها بأدبٍ جم وفاءه للنجم الكبير محمد الشلهوب وهو يشير إليه بيده للجماهير أنه على رأسه بعد أن صنع له الهدف التاريخي له في مواجهات الديربي.. بعض اللاعبين المحترفين يحرج جمهور ناديه بأدبه وأخلاقه والتزامه، وبعضهم ينفر الجماهير بسوء التزامه وقلة أدبه.
أخيرًا:
«أفعالنا التي تحددنا، وليست كلماتنا»