د. محمد عبدالله العوين
بدأت يوم الأربعاء الماضي 1-7-1438هـ حملة "وطن بلا مخالف" وقد استهل هذه الحملة صباح يوم الجمعة الماضي خروج أول مخالف بدون تطبيق أية عقوبات عليه من منفذ الدرة التابع لمنطقة تبوك.
وتضمنت بنود الحملة إعفاء المخالف الذي يبادر بالخروج خلال المدة المقررة من أية عقوبات أو غرامات مالية أو ختم بصمة "مرحل" بحيث لا يمكنه العودة مرة أخرى بصورة نظامية.
وتشمل الحملة جميع المخالفين؛ كالمتسللين عبر المنافذ، والمتخلفين بعد الحج والعمرة، ومن انتهت إقاماتهم النظامية ولم يجددوها، وحاملي تأشيرات المرور، ومن ليس لديهم أوراق ثبوتية؛ كأولئك الذين يتلفونها أو يخفونها بحيث لا تعرف جنسياتهم ولا من أي بلد أتوا؛ بقصد التمويه على الجهات الأمنية، وأكثر هؤلاء ينتمون إلى فئة متسلل أو فئة حج أو اعتمر ثم رغب البقاء.
سيكون يوم 1-10-1438هـ يوما مفصليا لقياس نتائج هذه الحملة في جانبها الأول المتسامح الذي يعبر في حقيقته عن معاني الرفق والتعامل الحسن مع المخالفين؛ رغبة من وزارة الداخلية في عدم استخدام الأساليب الأمنية النظامية التي تتبعها عادة كل الدول مع المخالفين المقيمين على أراضيها؛ التماسا من الدولة - وفقها الله - لتحقيق الأهداف النبيلة من الحملة بالوسائل والأساليب البعيدة عن الإثقال على كاهل المخالفين بتطبيق العقوبات المالية عليهم - وهذا كرم من الدولة - أو تطبيق حق السجن لمدة معينة، أو تطبيق حق بصمة "مرحل" التي تمنع من العودة النظامية مرة أخرى.
ولكننا أيضا ونحن نشكر وزارة الداخلية على الحكمة الصائبة في اتخاذ منهج الرفق مع المخالفين بمنحهم مدة ثلاثة أشهر "سماح" لخروجهم بدون عقوبات نتطلع إلى أن يكون الشق الثاني من الحملة الذي سيبدأ مطلع شوال القادم شقا أمنيا خالصا لا هوادة فيه ولا رحمة مع أي مخالف يقيم على أرض المملكة العربية السعودية حماها الله.
لقد شكلت نسبة المقيمين في مجملهم النظاميين والمخالفين نسبة عالية جدا تكاد أن تقارب نصف السكان، وهذا مؤشر خطير أثر تأثيرا كبيرا على الهوية الوطنية بحيث يمكن ألا نرى في بعض الأحياء في عدد من مدن المملكة وقراها إلا العمالة من جنسيات معينة، ويصبح رؤية المواطن بينهم تعادل 1من 100 ، وقد قدرت هذه النسبة لما رأيته في بعض القرى أو المدن الصغيرة القريبة من الرياض، ولنقس عليها ما بقي من مدننا وقرانا، ولو تسنى لأي منا دخول أحياء محددة كالبطحاء مثلا يوم الجمعة فإن المواطن سيشعر بالغربة في وطنه خلال يوم الإجازة في مثل ذلك الحي، أو ربما لا يطمئن إلى سلامته الشخصية، هذا إلى الوقائع الأمنية والأخلاقية التي تم تسجيلها خلال السنوات الماضية في أماكن التجمعات والكثافة البشرية من جنسيات معينة.
لا شك أن معدل جرائم السطو والسرقة والاختطاف والتعدي وترويج المخدرات والخمور والقوادة وأنواع مختلفة متعددة من الفساد ستقل بنسبة كبيرة جدا بعد رحيل أو ترحيل ما يمكن أن يزيد على خمسة ملايين مقيمين إقامة غير نظامية حسب التقديرات المنشورة.
ولكي ترتفع نسبة نجاح هذه الحملة الأمنية الوطنية الرائعة أقترح ما يلي:
- ألا تتوقف أبدا وتمنح صفة الاستمرارية، بمعنى ألا نكون موسميين؛ بل تطبق قواعد هذه الحملة في كل وقت على أي مخالف كان، وتبدأ أجهزة الأمن بحملات تفتيش على الأحياء والأماكن المعروفة بإيواء المخالفين بدون إعلان أو تنبيه مسبق.
- أن تضاف بنود تشمل معاقبة من يساعد على تسلل أو نقل مخالف أو إيوائه بأية صورة كانت، وعلى من يشغل مقيما إقامة غير نظامية.
- أن يتم التوسع في هذه الحملة المباركة لتشمل التدخل في إيقاف "التأشيرات والفيز" التي قد تمنح بغير عقود عمل حقيقية، مما يترتب عليه وجود عشرات الآلاف من العمالة المتسيبة في الأحياء والشوارع.