د. خيرية السقاف
اليافعة الجامعية منبهرة عادت للتو من رحلة استكشافية لموروثات مدينة العلا من الآثار, وقد تعودت جامعة الأمير سلطان أخذ مجموعات من طالبات الهندسة المعمارية لمنطقة العلا لقضاء يومين في التعرف على مدائن صالح, وكل الآثار المعمارية الباقية للحضارة البائدة, والاقتراب من النهضة المعمارية التي أقامتها هيئة السياحة في تلك المنطقة من أبنية فندقية فاخرة, وبرامج إرشادية مميزة, ومطاعم في أشكال هندسية جاذبة جعلت من مهندسات المستقبل يعدن وعلى وجوههن فرحة واسعة, وسعادة غامرة..
السؤال الذي كانت تردده: لماذا لا يعرف الجميع ما لدينا من مناطق أثرية على هذا المستوى من العمارة والذوق والجاذبية بل الاستعداد الفندقي والبرامج الإرشادية التي تعزز في النفوس جماليات هذا الوطن وثرواته؟..
في مقابل هذا فإن مطار الملك خالد الدولي قد حصد عدد ثلاثة وثمانين ألف مسافر في اليوم الأول لبدء الإجازة الدراسية وهي أيام خمسة فقط بمعنى أن النيات كانت معقودة من قبل, والميزانيات خطط لها, والحجوزات قد نُفذت, والحقائب قد أعدت وإن في اللحظات الأخيرة قبل المغادرة..!! إضافة إلى معابر البحر والبر..
ولأن ليس هناك ما يلوي عنق اتجاههم إلى السياحة الداخلية, فالقليل ممن يُجذب لمشاريعها في أبها, والطائف, وشواطئ الشرقية, والغربية, والشمال الزاخر بالبحر, والمدن الأثرية في المواقع المتناثرة من الوطن, ولأن الأسواق التي قامت في الرياض التي لا تختلف في تفاصيلها بما فيها المطاعم, والألعاب عن أسواق دبي, وأوروبا, والبحرين, والقاهرة ومناطقها المتاحة لا تزال لا تغريهم, فعيونهم مغمضة عن الداخل, ومتلازمة السفر للخارج تتمكن من شغافهم, فإن الأسئلة يمكن أن تتجه ليس للمسافرين أنفسهم, بل إلى حقائبهم, ومحافظهم, فأحذيتهم قد تحدثت كثيرا عما تقول أقدامهم مما مرت به الحروف هنا..
وبقي النطق لحقائبهم, ومحافظهم, فما تقول هذه عن رغباتهم, وميولهم, وخططهم, وأغراضهم, مما أخذوه, ومما يعودون به, وبينهما مما بذلوه في أيام تُعد بأقل من أصابع اليدين..؟!
وأعود لليافعة وهي تنقل لي بالصورة, وبالشرح المثير للإعجاب ما عمرته في نفسها رحلة الاكتشاف لآثار العلا..
ربما علينا الشكر لجامعة الأمير سلطان التي لا تفتأ تمارس الأساليب المعرفية الفاعلة, المنتجة والمثمرة, حين تجعل الخبرة ذات مساس بالواقع الملموس, والمشاهد في ممارسة تطبيق المعرفة على الواقع بتقريب الدارسات من الأمثلة الحيوية, فتمكين الخبرة بكل جارحة في طالباتها.
وننتظر هذا الدور على أرض الواقع تمارسه جميع المؤسسات المعنية بجذب الأفراد للداخل, بمقدراته, وما يزخر به, وكل المتاحات فيه تلك التي تبذل لها الجهود, والأموال الطائلة.