عبدالحفيظ الشمري
تطل برأسها من جديد قضايا «استيراد اللحوم» من عدد من الدول في مختلف أنحاء العالم، بسبب ما تواجهه هذه اللحوم بأنواعها من احتمالات تلوثها وفسادها، ومحاذير صحية وإجرائية أخرى قد تتسبب في بعض الأمراض والعلل ومضاعفاتها؛ وذلك بسبب التساهل في تطبيق معايير الجودة والسلامة؛ التي تتطلب وضوح ضوابط الفحص، وإجراءات المختبرات المتخصصة، وبرامج المتابعة في مجالات الصحة والغذاء محليا، وعالميا.
فالقضية التي تتداعى هذه الأيام هو حظر استيراد لحوم الدواجن من دولة البرازيل، وهي الأكبر في العالم في هذا المجال الغذائي المهم؛ إذ تصدر كميات هائلة من اللحوم عامة؛ لاسيما وأن شهرتها وسمعتها ارتبطت بتصدير لحوم الدواجن إلى أكثر من 150 دولة حول العالم!.
وبما أن البرازيل هي من الدول المتصدرة للإنتاج العالمي من اللحوم فإنها تقع في عين القضية ومداولاتها، وذلك من خلال شبهة الفساد التي تمحورت حول أكثر من 30 شركة في مجال إنتاج لحوم الدواجن، بما فيها شركات ذائعة الصيت والشهرة، لتؤكد آخر التحقيقات أن هذه الشركات قد قدمت رشوة لمفتشين صحيين مقابل تغاضيهم عن شحنات منتهية الصلاحية، بسبب الركود الاقتصادي قبل أشهر، مما تسبب في وصول شحنات هائلة من اللحوم الفاسدة، وقد عُبث بتواريخ إنتاجها، وزيفت شهادات الجودة والنوعية المتعلقة بها.
فمن الضروري أن تتوافر عناصر مهمة في هذه الأنواع من اللحوم المستوردة التي تصل إلى بلادنا؛ عبر البر والبحر والجو؛ وأن تكون وفق ضوابط الجودة والنوعية العالمية التي تميز بين أنواعها المختلفة، على نحو (الطازج، والمبرد، والمجمد) أي أن هذه الأنواع بحاجة إلى جهد فني مضاعف، وعمل دقيق، وخبرات متخصصة في النقل السريع والآمن.
إلا أننا نتطلع - وفي معمعة كل قضية - إلى المنتج المحلي رغم مقولة: أنه لا يغطي احتياجات السوق، والطلب اليومي المتزايد، لذلك فنحن بحاجة إلى تفعيل عمل عربي وإسلامي يتمثل في قيام مشاريع تجارية وزراعية من أجل ضمان الجودة، وسلامة النوعية، وطرق الذبح على الطريقة الإسلامية، والتعليب المناسب، ولنضرب مثلا في دولة السودان التي تعد وفق الدراسات والمسوحات أن أراضيها مناسبة جداً لقيام الزراعة، ومن ثم الاستثمار بالثروة الحيوانية والدواجن، لأنها تتمتع بمناخ مناسب، وأرض خصبة، ومياه وفيرة، وأيدٍ عاملة؛ تحقق معادلة الجودة والنوعية.
وأكبر معضلة تواجه المستهلك في العالم العربي والإسلامي طرق الذبح في بلاد غير مسلمة؛ رغم وجود تطمينات وتأكيدات بأنها تستعين بخبرات وأياد مسلمة من أجل تجهيز هذه الطلبات المتزايدة من لحوم الأبقار والأغنام والطيور بأنواعها؛ أضف إلى ذلك هاجسا قويا يسيطر على المستهلك وهو المتعلق بطرق تسمين هذه المواشي والطيور، إذ تؤكد بعض الدراسات على أن استخدام محفزات النمو بشكل مسرف ومفرط قد يتسبب في مشاكل صحية على الإنسان وهذا ما لا نريده جميعاً.