د. خيرية السقاف
لتكن الأمنيات أفعالا, والأحلام واقعا!
فإن تمنى الواحد أن يصغي له الناس, أصغى هو إليهم, وإن سألوه أجابهم, ليجيبوه حين يسأل, وإن مرضوا عادهم ليزوروه, وإن غضبوا تجاوز عنهم ليتجاوزا عنه عند صرعته, وإن نجحوا يفرح لهم لا يحبطهم ليعاملوه بالمثل, وإن صعدوا سار سيرهم فيشاركهم النجاح, وإن سقطوا مد إليهم يده لينتشلهم لا يتركهم يتردون, لينتشلوه عند سقطته,..
فالمرء لا يعلو بماله وإن ظنَّ,..
ولا يسمو بوسْمه, ولا برسْمه وإن نفخ أوداجه, ودق الأرض بكعب قدميه,..
إنما يبلغ ذلك بفعاله, ولا يتردى إلا بسوئها!..
وإن معاملة الناس هي المحك البارق لخُلق الناس,
والفرد مسؤول عن نفسه, وعن فعاله, ولا يسأل الآخر أن يتحمل وزر ما يفعل..
وإن الأخلاق -كما قلت سابقا- عصبة كيانٍ لا تتجزأ, يشد بعضُها فيه بعضَها,
تقوم على أساس عصيٍّ على النقض, غير قابل للتسويف, ولا التبرير, ولا التداهن,
ولا المجازفة, ولا ستر المكانة, واللقب, والوظيفة, والذهب...!!
تُرزق لمن يسعى إليها بفعله حين تنشئته, ومع تعليمه وتعلمه, وتدريبه ودُربته, حرصًا من مربٍ يبدأ بالوالدين والمعلم, والصاحب والجار, والجليس والرفيق,..
ثم يقتصر أمرها على المرء ذاته, بوعيه وتفكُّره, في خلوته ونشوره, في عزلته واندماجه, في دعائه وسلوكه, خُفية مع نفسه وربه, وعلنا مع القريب منه والبعيد عنه,..
ثم تتبدى جلية عند المحكَّات, وفي المواقف السهلة والعصيّاتِ!!..
الأخلاق في الناس مسؤولية..
هذه العصبة فسيلة تزرع, فجذع ينشأ, فشجرة مثمرة تروف, وتنوف.......
وكل فرد مسؤول عن أسسها, والعناية بكيانها, وجعلها أول نبض الفكر,
وآخر حركة الفعل!!