ناصر الصِرامي
حوار ساخن ونحن نستعد للتجهيز للدورة الرابعة من قمة الشرق الأوسط لشبكات التواصل والإعلام الاجتماعي لقطاع الأعمال التي ستعقد هذا الشهر في دبي، وقبل أن ينطلق الحوار التفاعلي، هل وصلت شبكات التواصل والإعلام الاجتماعي في منطقتنا للنضوج الاقتصادي، أم لا تزال مجرد إضافة جانبية وترفيهية؟، هل يمكن أن تصل قريبًا وبالفعل أصبحت في عالمنا العربي لها اقتصاديات ضخمة، أو توازٍ على الأقل ما تفعله من حراك للأسواق والأفكار.. بعد أن أصبحت تروج لكل شيء تقريبا؟!.
من الإعلان للخبر للرأي للتسويق، من المعلومات لتصبح مصادرها إلى التجارة الإلكترونية لتصبح ذراعها الأهم.
اقتصاديات الإعلام media economics صارت فرعًا مهمًا من فروع دراسات الاقتصاد والإعلام، ليس فقط من جانب تدفقات رؤوس الأموال والتدفقات النقدية داخل وخارج الشركات والمؤسسات العاملة في المجال الإعلامي، ولكن لأن كثيرًا من التغيرات التكنولوجية والتشريعية والاندماجات والاستحواذات، تغير مسار عولمة صناعة الإعلام بكل تفاصيلها.
ومع الإعلام الاجتماعي واقتصادياته المتنامية تغيرت حتى معادلة الصناعة وأطرافها، وها هي تتحول اليوم بالكامل لصالح لاعبين جدد، وإلى جانب المستخدمين أو المستفيدين الذين أصبحوا جزءًا من الصناعة في مكوناتها. بعد أن أصبحت التطبيقات لاعبًا رئيسًا في خريطة الإعلام الجديد- الإعلام الاجتماعي بنفوذه وحضوره وسطوته.
صناعة الإعلام والاتصالات لا تهتم بقضايا حرية التعبير وسهولة الوصول إلى الإعلام والأثر الاجتماعي للمحتوى الإعلامي، لكنها ولدت وتتكاثر اليوم لأغراض اقتصادية من جمع المعلومات التفصيلية إلى الإعلان الموجه مباشرة للعملاء والعملاء المستهدفين. حيث «اقتصاديات الإعلام الاجتماعي» بمختلف الأنشطة التشغيلية والمالية للمؤسسات المنتجة والموزّعة لمختلف منتجاته وشبكاته، كما تواصل ابتكاراته.
إلا أننا بالتأكيد نعيش مرحلة مختلفة الآن تتمثل في ضعف مستمر لمؤسسات الإعلام التقليدية وصعوبات تواجهها أمام المتغيرات المتسارعة التي تعجز عن حتى اللاحق بها، وقوة مستمرة ومتواصلة تزداد لمعانا وجاذبية وقوة للإعلام الاجتماعي بقوة الدعم التقني المبهرة والمتسارعة.
المشكلة الرئيسة في الإعلام الاجتماعي وشبكاته أن اقتصادياته للمستفيدين منه لا تزال في مرحلة التكوين، في الوقت الذي تنمو فيه شركاته ومؤسساته الأصلية والمطورة والمالكة لهذه الشبكات الإعلامية الاجتماعية بشكل ضخم وهائل، تلك الشركات التي أصبحت قيمها المالية وعوائدها تنافس شركات الطاقة والصناعات الثقيلة.
لكن على الرغم من ذلك أيضًا فإن اقتصاديات الإعلام الاجتماعي وشركاته المنتجة رغم كل ما تقدمه اليوم لم تصل للهدف النهائي والنضوج التي تأمله. على الرغم من الطلب الاستثماري على تلك الصناعة نظير عائدات مغرية.
أكبر إشكالية تواجه مؤسسات واقتصاديات الإعلام التقليدي هو أنها أصبحت مستخدم لا أقل ولا أكثر لتطبيقات وشبكات التواصل والإعلام الاجتماعي المعروفة، وليست صاحبة ابتكار وإبداع في تقديم خدمات مميزة لمجتمعها ومحيطها، بل حتى طريقة استفادتها من التطبيقات والحلول التقنية المتاحة استخدام مشوه أو غير مكتمل، لذا لم تصل بعد لتكون جزءًا من اقتصاديات الإعلام الجديد- الإعلام الاجتماعي، بل عاجزة عن الدخول لتكون جزءًا من هذه الاقتصاديات... وهو دور الإدارات الجديدة لخلق رؤية أوسع.. وتحول كامل وليس جزئيًا نحو اقتصاديات الإعلام الاجتماعي بأبعاده المعلوماتية والترفيهية والتجارية والتسويقية.
حتى تصل لهذه اللحظة ستبقى محاولة البقاء مهمة شبه مستحيلة..