د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
استوقفني الحوار الذي دار في بعض القنوات التلفزيونية «الشاردة» بين مقدمي بعض البرامج المجتمعية وبين مدير تعليم منطقة الرياض حين اتخذ خطوة قافزة «لم يسبقه إليها من أحد» في عهودنا الحاضرة التي أصبح تعليق الدراسة فيها وسما على ساعد التعليم، وكان ذلك اليوم خالدا في تاريخ التعليم العام، وتحديدا في تعليم الرياض عندما حلت نواتج عاصفة «مدار» المشهودة في أروقة المدارس النظيفة! وأجوائها العاطرة!! وكذلك حلت في البيوت الفارهة وغير الفارهة التي يقطنها طلاب المدارس، ولأن الغبار من لوازم أجواءنا الحبيبة ولقد اعتبرته من الصلات الجميلة في وطني في قصيدة منها،
لو خيروني في المدائن كلها
قلتُ افتتاني شمسهُ وغبارُ»
فإنني سوف أتناول موضوعي اتكاء على براءة الأجواء السعودية بغبارها وأمطارها من الخمول المدرسي الذي يتحفز الطلاب لمغادرته كلما سنحت لهم فرصة غبار أو أمطار ليضيفوه إلى مكتسباتهم من خوارم التنظيم، ووفير الإجازات وقصر اليوم الدراسي وانكماش العام الدراسي المثير للدهشة، وكذلك خواء المدارس وإغلاقها لأكثر من ثلث العام بأكمله، والأمر الثاني الذي سوف استندُ عليه أن حراك الأمن والسلامة المدرسية فوار جرّار!!؟ كما تتوارد عنه الأخبار ولكن تحقيق الأمن المدرسي مع استقرار المعرفة وجودة إدارتها في المدارس «كان من الغائبين»، ولذا رأينا أن مدير تعليم الرياض في لقائه التلفزيوني الذي وصل فيه إلى ذروة القص!! قد استند وتأسى بلجنة مشكلة عنده تبتُ في الطوارئ، ولقد تابعتُ عاصفة الغضب الذي أحاط بالغبار والحوار مع مدير التعليم الذي رأى باختصار تربوي أنه ليس من العدل حرمان الغالبية من الطلاب من حق التعليم في ذلك اليوم مقابل ثلة من الطلاب معتلي الصحة وهي وجهة نظر يوجب الواقع احترامها، إلا أنه وفي الحوار ذاك وفي وسائل إعلام تنقل صوت المواطن وتنقل له تمنينا أن سعادة المدير كان يملك معلومات وافرة لا تقبل التخمين عن العدد الحقيقي للطلاب الذين يعانون من اعتلال في الصحة وفي الجهاز التنفسي تحديدا، وخاصة أن التعليم قد أحاط واقعه منذ الأزل بجهاز للصحة المدرسية! وجهاز للأمن والسلامة ينبغي أن يحيط كلاهما بالمعلومات الدقيقة عن واقع البيئات المدرسية بمفهومها الشامل طلابا وعاملين ومنشآت، كما أن واقع جهاز الصيانة في المدارس يعتبر رصد آخر كان ينبغي أن يضعه مدير التعليم في مرآة ردوده الإعلامية، حيث إن سياسة التعليق تفردت بها فلسفتنا التنظيمية تجاه محددات ومنطلقات البيئات التنفيذية لعمليات التعليم والتعلم، كما أن اختزال وقت التدريس ثلم في مستوياته التي تبُنى عليها محتويات المعرفة المكوّنة للحصيلة لدى المتعلمين. فإذا ما كان تعليق الدراسة واختزال أوقات التدريس حليفا قويا لثقافة الهروب من المدارس التي هي حتما نتيجة في مقامها الأول للرغبة في النأي عن ذلك المحيط، والبحث عن أسباب مشروعة لذلك، فقد تأتي قرارات تعليق الدراسة صانعا ومكافئا لذلك فلقد أصبحت مبررات تعليق الدراسة قلائد المنظرين الذين يحسنون تعرية واقع المدارس، ويوقعون على حتمية نزع صمامات الأمان منها حين تقلبات الأحوال الجوية وخلال تواجد الطلاب؟!! والمهم أن الواع يحتم وجود تسوية وصلح بين تلك القرارات وبين متطلبات التعلم، ولا بد للقرارات أن تقف بصلابة على تخوم الواقع، ولأن الخطة الدراسية مغامرة يرتادها الشجاع من المعلمين ويستكشف حساباتها ثم يسلك بالطلاب الطريق المضيء فإن فقد شيئا من وقت المغامرة فقد لذة المسير في ذلك الطريق وحتى لا يبقى المشهد مفتوحاً لأن منافذ البيئات التعليمية الآمنة قد تكون شحيحة على الأقل في منظور الناس فإن حدود الحل وملامح صنعه تبدأ من دوائر الأمن والسلامة في قطاعات التعليم التي يُحمد لها أن احدودبت على حماية أرواح منسوبي المدارس بأسهل الطرق وأقصرها ولكن بقي اليقين المدرسي خاملا في العقول إلا من رحم ربي!!؟ فهلاّ كانت هناك أذن واعية تجمع الحسنيين!؟