يوسف المحيميد
ما معنى أن يتابع امرأة أمية الثقافة، بسيطة الوعي، نحو ربع مليون متابع، وما معنى أن تقود مثل هؤلاء النسوة الوعي المجتمعي، بينما النساء الحقيقيات، ممن يمتلكن رؤية عميقة، ويبحثن عن مزيد من الحريات للمرأة، وإعادة لحقوقها، يقفن على الهامش، ولا يتابعهن إلا العشرات، بمبررات أنهن مثقفات (ثقيلات طينة) ومملات، حتى لو كن يحترقن لأجل نساء مجتمعاتهن!
لعل الأغرب، والأكثر إثارة للدهشة، أن أعلى الجرائد توزيعًا، وفي عز مجدها، لا يمكن أن تصل إلى أكثر من مائة ألف قارئ، أي أقل بكثير مما تبثه امرأة بسيطة، وربما جاهلة، لا تعرف فنون الإدارة والتخطيط والتسويق، فضلا عما يمكن أن يحتوي عليه مضمون رسائل هذه المرأة اليومية، قد تكون في البدء ساذجة، قبل أن يتم استغلالها إعلانيًا بدفع مقابل مادي شهري، للعمل ضمن وكالات دعاية وإعلان، أو للترويج لبضائع رديئة وغير مرخص لها، أو مغشوشة، أو لمطاعم لا تتبع شروط الصحة العامة، وغير ذلك.
ولكن في المقابل قد يسهمن أحيانًا في التسويق لأنشطة مهمة تقوم بها جهات حكومية، كأنشطة ومهرجانات هيئة الترفيه، وهذا أمر جيد يحسب لهن، وربما تعاقد مثل هذه الهيئة المرتبط نجاحها، ونجاح أنشطتها، بالحضور الجماهيري، مع مثل هؤلاء النساء البسيطات، قد يسهم في الترويج لهذه الأنشطة أكثر مما تفعل حملاتها في مواقعها الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن ربما يحتجن إلى دورات قصيرة يتعلمن خلالها التصوير الجيد بواسطة الجوال، واختيار الزوايا المناسبة للصورة، كي يصبح عملهن احترافياً ومؤثراً أكثر.
أعتقد أن ثورة الأجهزة الذكية لم تنتهِ بعد، وكل فترة تباغتنا بالجديد في إمكاناتها المذهلة، وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على المجتمعات، وإعادة تشكيل العمل الإعلامي، فالمواطن البسيط لم يعد يهتم بالمسؤول، ولا بتصريحاته المكررة، ولا حتى بالنجوم المعروفين في مجالات الفن والرياضة والثقافة، بل أصبح يبحث عن المواطن أو المواطنة البسيطة، ممن تخرج رسالته الإعلامية من القلب، وتتجه فورًا إلى القلب، لذلك تنبهت مؤخرًا كثير من جهات الدعاية والإعلان، واتجهت إلى هؤلاء الذين تصل رسائلهم مباشرة للشريحة المستهدفة دونما وسيط!