علي الخزيم
العصبية التي تكررت من مسؤول تربوي عند اللقاء به أثناء العواصف الرملية عبر أكثر من وسيلة إعلامية يدل على توتره، وربما إحساسه بالمسؤولية وعجزه عن تدارك ما حدث، واكتفائه بتدوين الردود الجاهزة وعدم رغبته بإخضاعها للنقاش والتحليل والتفنيد، وكأنه يقول: لا حجة لكم باتهامي بعدم الرد، لكن لا مجال للنقاش، فجوابي هو الفصل، وبه ينتهي كل شيء.
- غضب عدة مرات من تداخل المذيع والمذيعة في أكثر من قناة أثناء حديثه، وشدد على وجوب عدم المقاطعة، وكأنه يريد أن يُلقنهم كيف يديرون عملهم، والأحرى أن يجتهد للنجاح بإدارة عمله.
- المبررات لم تكن منطقية، ولم يدرك أن اللقاء الصحفي والحديث الإعلامي هو حوار وليس إلقاء خطبة، أو بيان مكتوب ومُعَدّ سلفًا.
- ادعاء انتهاج السلوك التعليمي المتحضر ومنه (منع تعليق الدراسة) هو ليس صحيحًا كله، فالتحضر والارتقاء بالمستوى التعليمي والتربوي يبدأ من مراحل سابقة وبمسافات طويلة وقبل تأسيس المدرسة، ولا تتوقف مظاهر التطوير والتحضُّر التربوي على منع التعليق بيوم عاصف ممطر.
- مع الإشادة بحماس المسؤول وحرصه على مصالح التلاميذ والطلاب العلمية، إلا أن الحماس الأوفر كان يجب أن يتجه نحو المبنى المدرسي، وتطوير الكوادر التعليمية من كل جانب سلوكيًا وتعاملاً مع الصغار، وأمانة بالمهنة عند من يقصر عنها، إلى كافة النواحي المتعلقة بالتربية والتعليم والتلاميذ المستهدفين من العملية التعليمية.
- تكرار التشدق بالاهتمام بالبنية التحتية من كثير من المتحدثين بات أمرًا مملاً، لدرجة أن السامع يشك إن كان هذا المتحدث أو ذاك يحيط بمفهومها وما تعنيه تمامًا، بدليل أن واقع الحال عند كل طارئ يخالف الأقوال.
- فرحة الناس بإجازة نهاية الأسبوع أو الإجازات الاعتيادية، لا تقارن بفرحة التلاميذ بتعليق الدراسة، ولا يُحتج بها بأنه من طبيعة الناس أن يحبوا الإجازات لما يجدونه من المتعة والراحة خلالها، فبنهاية الأسبوع يرتاح الناس من العمل بعد أن أخلصوا وواظبوا على أعمالهم طيلة خمسة أيام، وبنهاية الأسبوع يفرحون بالتفرغ لزيارة الأحباب والأهل والأقربين وإنجاز بعض الاحتياجات الخاصة، إذًا هو ليس كرهًا أو تهربًا من العمل، بل هي وقفات أسبوعية يعودون بعدها أكثر حيويةّ ونشاطًا، بينما فرحة التلاميذ بتعليق الدراسة له أسبابه التي جعلتهم يودون الابتعاد عن التزامات المدرسة، بمعنى آخر لو وجدوا المُشَوِّق والدافع المُغري للالتصاق بالمدرسة لما فرحوا بزيادة الوحل والغبار والعواصف الترابية.
- لا أشك بغيرة المسؤول المحترم وتفانيه بعمله وإخلاصه لمهنته واجتهاده لأداء الأمانة الموكلة إليه، غير أن كل ذلك لا يجعله متحدثًا جيدًا، وخبيرًا إعلاميًا، ومحللاً للطقس والطوارئ، ومحاميًا مفوهًا عن منشآته، رويدك أيها المربي الفاضل؛ وأعط القوس باريها، واعلم - رعاك الله - أن الخطأ إن حدث مرة من مجتهد لا يقلل من جهوده وقدراته، وأن الاعتراف بالقصور ولو على مضض فهو فضيلة تضاف إلى رصيدك منها، والاعتذار أمام الملأ من شيم الواثقين، وخصال الناجحين.