لست من مرتادي المقاهي النسائية بشغف؛ فلا تروق لي تلك القهوة التي تُقدم؛ فأنا والقهوة العربية رفيقان لا نختلف في المزاج ولكن قد تُغريك بعض المقاهي بلمسات سيداتها الأنيقات، وهدوء المكان، ولباقة مقدمي الخدمة وذوق الديكور، فتنساق قدميك نحو التغيير.
وفي زاوية من المكان الاستقراطي بديكوره الجميل وإنارته الهادئة رسمت صورة تتزين بسيدة أنيقة تقرأ كتاب بروازها مقهى.
وللأسف أن البعض من السيدات في مجتمعاتنا أخذت من الكتاب قطعة ديكور تصور معها أمام كوب قهوتها وشمعتها المضيئة لترسلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي المحببة لها تسويق لثقافة مزيفة!
أذكر في أحد المطاعم التي تضم مقهى وجدت في المكان المخصص لتناول الطعام رفاً يحتوي على عدد] من الكتب المتنوعة في بادرة لم أرها من قبل وكأن صاحب المكان يرسل رسالة عن ثقافة إشباع العقول.
سعدت جداً بهذا التوجه وأذكر غردت في هذا قبل تناول وجبتي من منطلق نشر الإيجابية وعدم تجاهلها أو التركيز فقط على السلبيات والتفنن في النشر بطريقة لا تخدم رسالتنا التي نريد إيصالها.
مقولة «العرب لا يقرؤون» مقولة شهيرة قالها أحد أعداء العرب يوماً لكن تصدق اليوم أكثر من أي وقت مضى.
في لمحة بسيطة للتاريخ كانت «مكتبة بيت الحكمة» على وقت الخليفة هارون الرشيد التي جُمعت بكل الطرق وجاء المأمون ليدخل الترجمة ويرسل الوفود لجمع تراث الإنسانية ونقله إلى بغداد وترجمته وغصت المكتبات بمئات الآلاف من المجلدات.
ولم تلبث هذه الظاهرة أن أصبحت موضة للأغنياء والمترفين عبر بيوت تحولت جدرانها إلى رفوف تحمل أصناف الكتب من الأدب والفلسفة والعلوم والطب.
وفي ظل الحراك الاقتصادي النسائي الذي تشهده المملكة حالياً وتوجه سيدات الأعمال إلى فتح المقاهي النسائية والطلب القائم عليها حيث أضحت المقاهي النسائية متنفساً مهماً للنساء والشابات حيث وجدن الفرصة للالتقاء بالصديقات والقريبات للخروج من الروتين المعتاد من جلسات البيوت والبعض لإنجاز مهمات والآخر يعقد فيه اجتماعات عمل وهناك من يبحث عن الهدوء و»الروقان» بل إنها ساهمت بتغيير الأنماط الاجتماعية والنفسية.
هذا التواجد في هذه الخصوصية للنساء بيئة مناسبة قد تشارك فيها سيدات الأعمال بنشر ثقافة الوعي بأهمية القراءة عن طريق توفير زاوية من المقهى تعتبر مكتبة مصغرة لعرض كتب تساعد في صقل شخصية المرأة علمياً وأدبياً وثقافياً وعملياً وتكون إما بالشراء أو الاستعارة.. وإقامة صالونات أدبية لمرتادات المقاهي لصقل الذوق العام وتبادل المعارف والحوارات والمحاكاة.