فيصل خالد الخديدي
على مر العصور كان للخيل حضور كبير وملفت وملهم في الفن والأدب، وجاء استلهام جمالها والتغني بصفاتها وأنواعها وأشكالها وإقدامها في الكثير من قصائد الأدب وألوان الفن حتى أصبحت أيقونة جمال ومضمار إبداع تزاحم فيه الكثير من التشكيليين حتى وقتنا الحاضر، وهو ما يُصعِب الأمر على صاحب الطرح الجاد في أن يقدم شيئا مختلفا عما هو سائد ومستهلك في النظر للخيل وإظهاره بما يليق به شكلاً وتشريحاً وتوظيفاً في طرح فكري فني ناضج، ولعل ذلك ما حرص على أن يقدمه الفنان خالد البخيت في معرضه الشخصي (عِتاق) والذي يضع فيه خلاصة مسيرته التشكيلية كأول معرض شخصي له بعد أكثر من خمسة وعشرين عاماً في المشاركات الجماعية المنوعة, وظهر حرص الفنان وعنايته بأدق تفاصيل أعماله ومعرضه من إخراج وكتيب واختيار صالة العرض وحتى طرحه مسمى المعرض لم يكن تقليدياً أو مستهلكاً فاختار مسمى (عِتاق) وهي نجائب الخيل الكرام ذوات النسب والذي قال عنها أبو البقاء الرندي في نونيته:
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً
كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
يقدم الفنان خالد البخيت في عتاق مجموعة من الأعمال فاقت الخمسة والعشرين عملا، محورها وعنصرها الرئيس الخيل أظهر فيها نجابة الخيل وحيويتها وانطلاقها بالرغم من استخدامه الخطوط المستقيمة والزوايا الحادة إلا أنه طوعها وجعلها تلتف بليونة على الخط الخارجي من جسد الخيل وتسير بحيوية في تقسيمات الجسد الداخلية,فدراسته لزوايا خطوطه وتقسيماته داخل جسد الخيل لم تنسه الدراسة التشريحية لهذا الجسد ولم تجعل خيوله العتاق عديمة الحركة جامدة بل استطاع بقدرته العالية أن يجعل الخطوط المستقيمة والزوايا الحادة تسير في ديناميكية مريحة للعين ومتوافقة في الألوان تارة ومتباينة تارة أخرى، سواء مع اللون الداخلي للمساحات المقسمة داخل جسد الخيل أو الألوان الخلفية الخفيفة للعمل خارج جسد الخيل.
إن عناية الفنان خالد البخيت بالعنصر الرئيسي في العمل واهتمامه المتوازن بالخط واللون والحركة ودقة الشكل جعلت جسد عتاقه تظهر بشفافية كبيرة استحال معها الجسد إلى تعاشقات من الألوان الشفيفة وكأنما هو جسد من زجاج مُعشق.