يسعدنا في هذه الصفحة من جريدة «الجزيرة» والمتخصصة في الفنون التشكيلية أن تمنح هذه المساحة للأقلام التشكيلية الواعدة ليمارسوا من خلاله إبداع أقلامهم ولتكون منطلقاً لمستقبل طرحهم النقدي عبر الحرف والكلمة والرأي والقراءات والتحليل والتقارير.
في الآونة الأخيرة ازداد الاهتمام بالفنون البصرية في المملكة العربية السعودية وتشهد الساحة الفنية إقبالاً كبيراً مع موجة انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، والمُطّلع على المجال الفني والمعارض التي تُقام يُلاحظ أن مَركَبة الفنون امتلأت بالفنانين في وقت قصير جداً مع قلة التخصصات التي تتيح دراسة الفنون البصرية في المملكة.
على الرغم من انتشار حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي مهتمة بالفنون وظهور مجموعات متخصصة بالفنون البصرية وكذلك تعدد المعارض التي تُقام وكثرة المشاركين فيها إلا أنّ تلك الموجة الفنية لا تحمل إلا قشوراً هشّة، فالكثير من (مدّعي الفن) تنقصهم الثقافة الفنية والوعي بماهية الفن لذلك نرى أن الأعمال الفنية أصبحت كسلعة تجارية أو مشروع «أسر منتجة» والفنان الأفضل هو من يمتلك عدد متابعين أكثر!
إن تقبل المجتمع وتشجيعه لهذه الممارسات الفنية دليل على تعطشه لها لكن ضعف ثقافته الفنية تجعله يصنع فنانين مزيفين. كما نرى أيضاً ظهور عدد من (الممارسين للفنون) ينتجون أعمال فنية بفكر معاصر»مفاهيمية، تركيبية، تفاعلية» بوضع أغراض جاهزة وبعضاً من المنتجات المستهلكة وإسقاط أفكارهم عليها، يتعاملون مع الفن المعاصر على أنه تجميع قمامة!
إن العمق الثقافي والمعرفي والخبرة الكافية هي أساس بناء عمل فني معاصر يحمل قيماً فكرية وجمالية وإخراجها بصورة مبتكرة والأهم هو الوعي بمفهوم الفن المعاصر والاطلاع على تاريخ الفن وإدراك المتغيرات التي طرأت عليه، وهذا ما نفتقده في الأعمال المحلية المعاصرة، فقلّة الوعي بمفهوم العمل المعاصر نراه يتضح في إخراج الأعمال المحلية في قالب تقليدي، والمُلاحَظ هو استغلال الفنان لضعف ثقافة المجتمع بالفنون واستنساخه لأعمال فنية لفناني أمريكا وأوروبا قبل (قرن)!
إن تسارع الفنانين وراء الشهرة على حساب تدنّي مستوى الأعمال يجعلنا نقف متسائلين عن أهمية الثقافة بمفهوم الفن ودور النقد الفني في بناء الفنان والعمل الفني، وتشكيل فن معاصر يتّسم بالأصالة والهوية، فنهوض الفن من أساس ضعيف لم ينتج لنا إلا مُخرجات هشّة.
عبير آل فرحان - طالبة في كلية التصاميم والفنون