سعد بن عبدالقادر القويعي
جاءت الذكرى الثانية لانطلاقة عاصفة الحزم للتحالف العربي لدعم الشرعية باليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وتحديداً في 26 مارس 2015؛ التزاماً بدور الوساطة التي قادتها عقب انطلاق الثورة الشبابية الشعبية في 2011، من خلال المبادرة الخليجية التي انقلب عليها لاحقاً الرئيس السابق، فضلاً عن واجبها العربي، وحفاظاً على أمنها القومي. وهو ما أحدث تغيرًا نوعيًا في إستراتيجية دول التحالف العربي، وذلك من خلال تجاوز مرحلة الانكفاء السياسي، والإستراتيجي إلى مرحلة إنشاء منظومة إقليمية، تفرض إيقاعها على مجريات الأمور، وسياق الأحداث المتلاحقة.
قبل عامين، كانت اليمن منطقة وباء سياسي مُعدٍ، بعد أن تعرضت لجائحة انقلاب ذي طبيعة طائفية ضد الشرعية؛ لنشر المذهب الأنثى عشري الإيراني، والزحف في ظل هذا المشروع القذر، والمتناقض مع مخرجات الحوار الوطني؛ وليشكل التحالف العربي نقطة تحول للوضع السياسي في اليمن الرافض لسياسة الانقلابيين، بل والسعي الحثيث؛ من أجل إعادة تثبيت شرعية الرئيس هادي، وهو ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، عندما وضع خطوطاً واضحة لسياسة بلاده في اليمن، وذلك في خطابه أمام مجلس الشورى في 14 ديسمبر 2016 أكد خلالها، أن أمن اليمن الجار العزيز من أمن المملكة، ولن نقبل بأي تدخل في شئونه الداخلية، أو ما يؤثر على الشرعية فيه، أو يجعله مقراً، أو ممراً لأي دولة، أو جهات تستهدف أمن المملكة، والمنطقة، والنيل من استقرارها.
تغيرت معطيات كثيرة في المشهد اليمني، وتقاطعت العديد من المؤشرات التي يمكن التوقف عندها ملياً، حيث ساهمت عاصفة الحزم في تمكين الحكومة اليمنية من بناء جيش وطني، وقوات أمنية بأكثر من 200 ألف مقاتل، وتحرير مساحات واسعة من قبضة الانقلابيين، وتأمين العاصمة المؤقتة عدن، ومضيق باب المندب المهم للملاحة البحرية، ومنطقة الشرق النفطية، وعودة الرئيس عبدربه منصور هادي، وحكومته الشرعية إلى الأراضي اليمنية، إضافة إلى إجهاض المشروع الفارسي، وأطرافه في اليمن، وتقليم مخالب إيران في جنوب الجزيرة العربية إلى حد كبير.
وفقاً للحسابات الإقليمية، فقد كانت العاصفة مفاجئة لدول العالم أجمع؛ لسرعة تحركها، وتحقيق أهدافها بدقة في الساعات الأولى من العاصفة، حيث تمت السيطرة على أجواء اليمن، وتدمير الدفاعات الجوية التي سيطر عليها الانقلابيون، وتدمير نظم الاتصالات العسكرية، وإعلان الأجواء اليمنية منطقة محظورة؛ ولتبدو سيطرة قوات الشرعية على نحو أكثر من 80 % من المساحات الجغرافية اليمنية، في وقت تطرق فيه قوات الشرعية أبواب العاصمة صنعاء.
على مدى العامين، تمكنت عاصفة الحزم من القضاء على الانقلاب، وأسبابه، ومن استعادة المناطق التي سيطر عليها الرئيس السابق، والحوثيون؛ انطلاقاً من المادة رقم 51 لميثاق الأمم المتحدة، والتي تؤكد على حق الدول ذات السيادة، أن تقوم باتخاذ التدابير اللازمة للدفاع الطبيعي عن النفس في حالة وقوع عدوان عليها، كما تُجيز أن تقوم بالدفاع عن نفسها بمفردها، أو بطلب من دولة أخرى، أو دول أخرى، وأيضاً استناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع العربي.