فهد الحوشاني
قرأت رأيًا لبعض النقاد والروائيين العرب، منهم الروائي يوسف القعيد، حول صورة العربي في الروايات الغربية. فهم - بحسب قوله - غالبًا ما يظهرون العرب كحثالة ورعاع، ويتم تناولهم في بيئة سيئة مليئة بالفقر والجهل والقذارة.
ويضرب مثالاً لذلك برواية «البحث عن سناء» للروائي ريتشارد زيملا؛ إذ يتحدث الكاتب عن حقيقة سناء الفتاة التي جاءته تطلب توقيعه على أحد كتبه، ثم انتحرت، ويبحث عن أسباب انتحارها فيجد أن والدها فلسطيني «معاق»، يأخذ كلاب المستوطنين المقيمين في الجوار اليهودي مقابل مبلغ من المال، واستخدمته «حماس» للقيام بعملية انتحارية داخل إسرائيل؛ لتقوم السلطات الإسرائيلية بالقبض عليه، ووضعه في السجن.
في المقابل، يرى الناقد د. محمد عبدالمطلب أن بعض المفكرين العرب المرتبطين بالغرب يسعون إلى انتقاد الأوضاع العربية بصورة مبالغ فيها؛ وهو ما جعلهم يحصلون على جوائز الغرب واهتمامهم الإعلامي. والكتّاب الغربيون يتناولون شخصية العربي داخل روايتهم على أنها شخصية ضعيفة، تؤمن بالخداع والخزعبلات والعفاريت والجن.. فهذه الصورة للعرب داخل الروايات تشكِّل صورة ذهنية لدى الرأي العام الغربي؛ ما يؤثر على موقفهم تجاه القضايا السياسية العامة.
وأذكر أنني كنت مستغربًا وأنا أقرأ ما كتبه (باولو كويلو) في روايته الخيميائي، ليس فقط للصورة التي رسمها عن العرب في روايته، لكن لأنه رسمها في هذا الوقت الذي لم يعد للكاتب عذر في الاعتماد على ما كتبه المستشرقون وغيرهم من كتابات، استلهمتها الرواية في زمن لم يكن هناك فيه أي مجال للتحقق من صحة ما يُكتب!! ولو لم يحدد (مكانًا) كـ (مصر) لكان الأمر فيه تأويل! ورغم المقدمة الجميلة التي افتتح بها كويلو النسخة العربية من روايته (الخيميائي) فإنه في ثنايا الرواية - وهذا الأهم - يصف العرب من خلال رحلة بطل الرواية إلى مصر مستعينًا ربما بخياله وقراءته ومرجعيته الثقافية.. يصفهم عبر مصطلحات، منها (البدو والعربان) ملصقًا فيهم السحر والشعوذة بل يصفهم بقطّاع الطرق وسكان الصحراء والمشعوذين وأهل الخرافات، وأن أرضهم هي أرض (الجنستان) بمعنى أرض الجن!! هو يكتب ذلك عن عرب عاش بينهم البطل في صحراء مصر! مما يؤكد الصورة النمطية - للأسف - التي لا تزال راسخة عن العرب حتى عند المثقفين الغربيين ومَن يدور في فلكهم!!
وكانت ألف ليلة وليلة، أو بحسب تسميتهم لها (الليالي العربية)، من أهم المصادر الثرية التي صنعوا منها شخوصًا غريبة، تثري أساطيرهم ورواياتهم.. إنها صورة في نهاية الأمر لا تضمر الاحترام والتقدير للعرب، سواء من كتب رواية عنهم في نهاية القرن العشرين مثل (كويلو)، أو من سبقوه.
وإذا كنا نفهم لماذا المستشرق والجاسوس يتعمد تشويه الصورة عن العرب فكيف يُعذر روائي مثقف في هذا العصر وهو يصف العرب ويقدمهم للعالم في أكبر دولة عربية بأنهم (عربان وبدو وأهل شعوذة وصراع)! كيف يعيد كويلو إنتاج تلك الصورة العنصرية ثم يُحتفى به وبروايته عند العرب دون أن يعترض أحد على تلك الإساءة الذي ضمنها (باولو كويلو) في روايته؟!..