د. أحمد الفراج
ثار الإعلام الأمريكي على الرئيس ترمب، بعد أن أصدر أمره التنفيذي بمنع مواطني سبع دول من دخول أمريكا، وتم ربط ذلك بوعده الانتخابي بمنع دخول المسلمين لأمريكا، وغني عن القول أن هذا الوعد كان السبب الرئيس لصعود نجم ترمب السياسي، وانطلاقته الصاروخية في سماء الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، والتي أطاح من خلالها برموز جمهورية بارزة، في مقدمتها جيب بوش، وكريس كريستي، وجون كيشك، وتيد كروز، وغيرهم من الساسة الجمهوريين، ثم بعدها أطاح بالمرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، في مفاجأة كبرى، سجلها التاريخ، وستظل محفورة في سجلاته، مثلها مثل فوز باراك أوباما، في عام 2008 . الإعلام الأمريكي أصر على ربط منع دخول مواطني سبع دول بموقف إدارة ترمب اليمينية من المسلمين، خصوصاً موقف العقل المدبر، ستيف بانون، كبير الإستراتيجيين، وذلك كجزء من الحملة الشرسة التي يتعرّض لها ترمب من الدولة العميقة، منذ فوزه التاريخي، ومع الإقرار بأن إدارة ترمب يمينية، ولها موقف حاد من المهاجرين، إلا أن قرار المنع كان أمنياً، فالدول التي شملها قرار المنع هي دول إسلامية، ولكنها دول غير مستقرة، وتفتقر للحد الأدنى من متطلبات الفحص الأمني، حسب تقارير أجهزة الاستخبارات، ولو كان من اتخذ قرار المنع رئيس غير ترمب، لربما مر الأمر بهدوء، وقد سبق أن أصدر رؤساء آخرون أوامر مماثلة، وكان آخرهم الرئيس أوباما، الذي منع مواطني العراق من دخول أمريكا لعدة أشهر، ولم تسمعوا بذلك حينها، ولن تسمعوا أحداً يتحدث عنه الآن. قبل أيام، صدر أمر بمنع المسافرين على متن مجموعة من خطوط الطيران، من حمل أي أجهزة إلكترونية داخل الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة، ويشمل ذلك كاميرات التصوير، الكمبيوتر النقّال، الأجهزة اللوحية الإلكترونية، أما الأجهزة المسموح بحملها داخل الطائرة، فقد اشتملت على الهواتف المحمولة، والأدوات الطبية، وتقبلت الدول التي شملها هذا القرار الأمر بصدر رحب، وذلك من باب أنه يدخل في إطار الشأن الأمني لدولة صديقة، ومن يتفحص هذا القرار يجد أنه يشمل دولاً إسلامية، تماماً مثل أمر ترمب التنفيذي السابق، ومع ذلك لم يحتج عليه أحد، ولم يعلق عليه الإعلام الأمريكي سلباً، فما الذي جعل هذا الإعلام يقيم الدنيا على أمر ترمب التنفيذي، ويصمت حيال هذا القرار، رغم أن الأمر في الحالتين يتعلّق بدول إسلامية؟! هل نستطيع أن نوظّف هذا التناقض في موقفلإعلام الأمريكي حيال قرارين متشابهين للتأكيد على انحياز الإعلام ضد ترمب وإدارته؟! وهل كان الإعلام، واليسار المناهض لترمب، سيتحرك، لو أن باراك أوباما هو من اتخذ قراراً بمنع مواطني بعض الدول من دخول أمريكا؟! ولا أظن الإجابة في تلك الصعوبة، ودونكم هذه المساعدة من صديق، إذ تذكر التقارير أن إدارة أوباما نفذت أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين من أمريكا، فهل سمعتم عن ذلك؟! والخلاصة هي أن إدارة ترمب لها أخطاء جوهرية، ولكنها أيضاً تواجه حملات في منتهى الشراسة، من الإعلام الأمريكي، الذي بات يفخر بانحيازه ضد رئيس، انتخب بطريقة ديمقراطية لا تشوبها شائبة، وبالتالي فإنه يتوجب توخي الحذر حيال معظم ما يطرح في الإعلام الأمريكي ضد الرئيس ترمب!