د. محمد عبدالله العوين
تنطلق اليوم الأربعاء الأول من رجب التاسع والعشرين من مارس أعمال مؤتمر القمة العربية العادية الثامنة والعشرين في عمان وسط آمال من الشعوب العربية معلقة على اجتماع القادة العرب؛ للوصول إلى حلول سريعة وناجعة لحالة الفوضى التي تتخبط فيها أربع دول عربية منذ أكثر من ست سنين دون أن يومض أي أمل للخروج من مستنقع الدم والتدمير والتهجير والتقسيم في العراق وسوريا واليمن وليبيا.
عقدت القمة الأخيرة التي سميت بـ»قمة الأمل» في نواكشوط بعد أن اعتذرت المغرب عن استضافتها فتقدمت موريتانيا بطلب عقد القمة على أراضيها، ولكنها فوجئت باعتذارات كثيرة من زعامات عربية، بيد أن إصرار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز على عقد القمة مهما كانت الظروف أثار إعجاب الكثيرين؛ حتى إنه قال «سنعقد القمة ولو في الخيام»!
وبالفعل عقدت القمة في الخيام بنواكشوط، وكانت الآمال معقودة على «قمة الأمل» ومرت سنة مأساوية جديدة في التاريخ العربي دون أن يحدث تحسن يذكر في الأوضاع العربية المتردية؛ بل زادت حدة شراسة القتل والتدمير والتخريب والتشريد، وتمكن الغرباء الفرس ومليشياتهم من التوغل في الأراضي العربية ؛ بحيث قدر عدد الحرس الثوري الإيراني المتواجد على الأرض السورية فقط بستين ألفا خلاف عشرات الآلاف من المليشيات والأحزاب والجماعات بمسميات طائفية مختلفة، ويتواجد على الأرض العراقية آلاف من الحرس الثوري تحت اسم «خبراء» يسهمون إسهاما كبيرا في إدارة كثير من الأمور العسكرية على الأرض.
وباسم حرب داعش دمرت مدن سنية تدميرا كاملا، وقتل وهجر عشرات الآلاف من سكانها؛ فأصبحوا بلا مأوى ولا مصدر رزق، ولا يستطيعون العودة إلى مدنهم وقراهم، إما بسبب التدمير التي لحقها أو بسبب أن غرباء استوطنوها.
وتقع تحت اسم الخطأ أو عدم الدقة في التصويب مجازر بشعة راح ضحيتها مئات الأبرياء؛ كما حدث في الموصل قبل أسبوع؛ حين دمرت طائرات مساكن مدنيين على من فيها فاستشهد خمسمائة بريء كانوا يعيشون الجحيم تحت نير هيمنة داعش ثم أكملت دورة العذاب والموت عليهم بهذا القصف الهمجي الأعمى.
وفي سوريا المكلومة مأساة تزداد شراسة ويتمدد فيها نهر غائر من الدم القاني تغذيه جماعات ومقاتلون من كل حدب وصوب ودين وملة، بحيث لا يعرف القاتل لم قتَل ولا المقتول لم قتُل، ويكاد تقسيم سوريا أن يكون حقيقة مشهودة؛ فلا سلطة لحكومة الأسد على كثير من مدن وقرى الشمال والشرق والجنوب، حيث الأكراد والدواعش والثوار يتقاسمونها، ولم يبق تحت هيمنته إلا مركز دمشق وشيء من الساحل العلوي في اللاذقية الذي يتعرض بين وقت وآخر لحمم الموت والتدمير.
وازدادت الأمور تعقيدا في ليبيا؛ فتعمق الانقسام بين الأقاليم وتقاسمت القبائل والجماعات من داعشية ووطنية وثوار على مذاهب مختلفة كامل الأرضي الليبية.
أما في اليمن التي اختطفتها إيران بواسطة العميل الطائفي الحوثي فما زالت تنزف في كل شبر منها، وما زال الأحرار الوطنيون يستبسلون في استعادة اليمن إلى عروبته وأهله وطرد المحتل الفارسي وقطع يد العميل الحوثي بمساعدة من التحالف العربي.
إنها أوضاع تدمي القلب حقا!
وإذا كانت قمة الأمل السابعة والعشرون السابقة في نواكشوط لم تستطع تقديم جرعة أمل كافية لأمة متلهفة إلى بصيص من نور رغم ما بذلته الدولة المضيفة؛ فلعل أملا جديدا يتخلق ويتولد على ضفاف البحر الميت حيث تنعقد جلسات مؤتمر القمة في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات، وقد أطلق أمين عام الجامعة العربية السيد أحمد أبو الغيط تصريحاً متفائلاً بصدور قرار يهم الأمة العربية في البيان الختامي؛ فلعل وعسى.
إن الأمة كلها في خطر!
وإن لم يسع العرب جميعهم إلى إيقاف المأساة، وصد زحف المغول الفرس بإعلان موقف سياسي وعسكري حازم؛ وإلا فإن غدا لن يكون بأسعد من اليوم.