خالد بن حمد المالك
أمس استعادت الأردن ابتسامتها من جديد، وازدانت شوارعها وميادينها وأبنيتها بما يعبّر عن فرحها، واحتفى المواطنون الأردنيون بالملك سلمان زائراً لهم كما لم يحتفوا بمثله من قبل، وجاء الاستقبال الشعبي والرسمي حاراً ودافئاً وصادقاً ما اعتبرته وسائل الإعلام الأردنية امتداداً للعلاقة المتميزة التي تجمع بين ملكين وشعبين ومملكتين.
* *
لقد طغت مشاعر السعادة على وجوه الناس، وتدفقت العواطف بشكل سخي، وعبّر المواطنون بالمظاهر الباذخة عن مكنون حبهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي يزور بلده الثاني ليلقي التحيّة ويصافح الأيدي ويقول للأردنيين بأن مكانتكم في القلب، وأن المستقبل في علاقاتنا الثنائية سيكون أفضل من الماضي والحاضر معاً.
* *
فسلمان يحمل للأردن محبة خاصة، متفهم لأوضاعه، حريص على أن يكون إلى جانبه، حدث ذلك منذ أن كان أميراً وإلى اليوم، فلا يسمح بأن ينأى بنفسه عن سماع متطلباته وتحقيقها، والمضي في هذا الطريق الأخوي الذي ظل نهجه وسياسته.
* *
ألم يكن الملك سلمان حين كان أميراً لمنطقة الرياض رئيساً للجنة الشعبية لمساعدة أسر شهداء الأردن؟ ألم يكن المهرجان الكبير الذي أقيم في قصر الحكم بالرياض لنصرة المملكة الأردنية -وهو الأمير- برعايته الكريمة؟ ألا تتذكّرون زيارته للأردن عام 1968م لتسليم الدفعة الثانية من تبرعات مواطني منطقة الرياض بوصفه رئيساً للجنة الشعبية لمساعدة منكوبي الأردن؟ وهو ما يفسر موقف الملك من الأردن على امتداد التاريخ، وحرصه عليه، وحدبه على مواطنيه.
* *
وها هو الآن، إذ يزور المملكة الأردنية الهاشمية ويلتقي بالملك عبدالله الثاني، ويلقي تحياته وعواطفه ومشاعره نحو شعب أحبه وقدَّره، فهو بهذا إنما يجدد العهد والوعد، ويفعل أكثر مما يقول عن تعاون واسع يتبناه وينفذه وهو ملك، ليؤكّد بذلك أننا إخوة وأهل وشعب واحد ومصيرنا واحد، وأن المستقبل يجب أن يكون مضاءً بكل ما يبهج الخاطر ويسر النفس.
* *
ومثل ما شاهدنا مظاهر الفرح، وأصوات الابتهاج في الشوارع التي مرَّ بها موكب الملك سلمان، رأينا مثل ذلك، واستمعنا إليه في نقابة الصحفيين الأردنيين، فقد جاء رؤساء تحرير الصحف والكتّاب والإعلاميون والأعضاء في النقابة ليستقبلونا في بيت الصحفيين وليتحدثوا لنا عن العلاقة السعودية الأردنية المتميزة، وعن المكانة الكبيرة التي يحملها الشعب الأردني لخادم الحرمين الشريفين، وكان كلامهم جميلاً، معبّراً، وصادقاً، وكانت رسائل ود وحب طلبوا منا أن ننقلها إلى شعب المملكة العربية السعودية.
* *
المشاهد التي رأيناها، والصور التي كانت ماثلة أمام أنظارنا، كانت أصدق من الوصف، وأدق من التعبير، وأكثر وأعمق من كل قول، فالناس والإعلام لا حديث لهم إلا عن زيارة الملك، عن الخطوات القادمة للعلاقات الثنائية، عن البرنامج المعد للزيارة، بعرضه العسكري الكبير، وبالاتفاقيات التي سوف تعزِّز العلاقات بأكثر مما هي عليه الآن، عن الاجتماعات الموسعة والثنائية بين الملك والملك، وما يمكن أن تسفر عنه ويتم الإعلان عنه فيما بعد.
* *
الأردن الآن غير الأردن قبل الزيارة، فقد طغى على وجوه الناس ما يمكن اعتباره صدى لهذا الحدث الكبير، حيث الوجوه المبتسمة، والتفاعل الإيجابي مع الحدث التاريخي، وحيث الإعلام والصور، وطلاب وطالبات المدارس يقفون في الشوارع والميادين احتفاءً بالضيف الكبير، بما أكّد لنا أننا أمام تظاهرة غير عادية يسودها الحب والود والشعور بالسعادة مع زيارة الملك سلمان لربوع الوطن الأردني الحبيب.
* *
انتهى اليوم الأول من الزيارة الملكية، ولم نكتب عنه بعد، فالأفكار والصور والمشاهد غلبتنا، وحالت دون الدخول في التفاصيل، والوصول إلى عمق الزيارة.
(وغداً نواصل)