يوسف المحيميد
في الفيديو الذي انتشر لشاحنة يدفع سائقها الأجنبي سيارة خاصة صغيرة لمواطن وعائلته لمسافة قد تزيد عن كيلو متر يفتح ملف إرهاب الشاحنات في الرياض من جديد، هذا الإرهاب العلني الذي يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا كلما خرجنا في مشوار، فطالما هؤلاء السائقين الأجانب يقودون شاحنات مؤمن عليها، وكفلاء لا يسألون عنهم، ونظام يعجز عن تطبيق الحظر عليهم من دخول شوارع المدينة، بخلاف من يقود بلا رخصة قيادة، ومن يضرب بالقوانين وأنظمة المرور عرض الحائط، فينتقل من مسار لآخر كما لو كان الطريق ملكه، ويقف في الطريق بلا مبالاة، بحجة أن سيارته ضخمة لا أحد يجرؤ على الاصطدام بها!
هؤلاء السائقين المتهورين يجب إجراء فحوصات نفسية عليهم، واختبارات المخدرات في الدم لديهم بشكل دوري، لأن ما يحدث في شوارعنا ينذر بكوارث لا حصر لها، فالضحايا داخل المدن الرئيسة معظمهم قضوا من حوادث تتسببت فيها سيارات شاحنات، برغم كل ما تبذله الإمارة وإدارة المرور، فهؤلاء لم تُطبق ضدهم قوانين صارمة، تجعلهم يترددون عشرات المرات قبل أن يرتكب أحدهم المخالفة، بل أن رعونتهم تجعلهم يفعلون الأعاجيب جهارًا نهارًا!
فمثل ذلك المشهد الذي نجحت في اصطياده كاميرا جوال مواطن، توجد عشرات المشاهد اليومية الكارثية، ولكن هذا المشهد الذي يوحي برغبة وتعمد بالقتل، وهروب السائق الأجنبي من موقع الجريمة، يجب ألا يمر مرور الكرام، فهذا شروع بالقتل، ويجب أن يخضع المتسبب بعد القبض عليه للمحاكمة، بل وتشديد الحكم عليه، وعلى كفيله، والإعلان عن هذا الحكم، ونشره في الصحافة، كي يكون عبرة لغيره من المتهورين.
صحيح أننا بدأنا في تطبيق أنظمة السير بالتدريج، وصحيح أن هناك تشديدا على من يخالف الأنظمة، وأيضًا لا يخفى على أحد أننا تطورنا قليلًا، ونجحنا في مرور الرياض بملاحقة المخالفين لأنظمة المرور، لكن الخلل كبير، والكثافة السكانية في مدينة كالرياض، والوافدين إليها بثقافات مختلفة ومتدنية أحيانًا، بما يحملونه من فكر فوضوي يفوق إمكانات الأجهزة المرورية وكوادرها البشرية، يجعل الأمر يحتاج إلى تكثيف الحملات المرورية، التي تقلم أظفار الفوضى والرعونة، وتلاحق إرهابيي الشوارع، وليس مجرد التأكد من وجود شهادة الفحص الدوري، أو طفاية الحريق، فهما رغم أهميتهما لا تعادلان سحل سيارة صغيرة لمواطن تحت بشاعة شاحنة ضخمة ومجنونة!