محمد آل الشيخ
تأتي القمة العربية في الأردن غدا الأربعاء في ظروف عربية عصيبة، يأتي في مقدمتها تفشي الإرهاب المتأسلم، وكذلك توسع العدو الفارسي في بعض الدول العربية، وتغلغل عملائه في أغلب دول الشمال العربي، ما عدا الأردن. أن تتحدث عن الإرهاب وخطره فأنت تتحدث عن العدو الفارسي وخطره، فهذا يؤدي في النتيجة إلى ذاك، الخطر الفارسي لا يواجهه من العرب مواجهة حازمة إلا المملكة ودول الخليج، في حين يقف بقية العرب من توسع الفرس وتمدد نفوذها إما في وضع أقرب إلى الحياد كمصر ودول الشمال الإفريقي ما عدا المغرب، أو أنهم يدعمون هذا التوسع على رؤوس الأشهاد ويمهدون له، كلبنان والعراق وسوريا والانقلابيين في اليمن.
هذا التشظي في مواقف الدول العربية استفادت منه إيران، كما استفادت في الوقت نفسه من تبعات ما يُسمى بالربيع العربي، وكذلك من موقف الرئيس الأمريكي الآفل باراك أوباما، الذي حقق لإيران الملالي ما لم تحلم به منذ أن أتى الخميني إلى حكم إيران.
والسؤال الذي يطرحه كثيرون: هل سيتفق العرب هذه المرة على موقف موحد تجاه التوسع الإيراني؟.. العراق ولبنان طبعا لا يُنتظر منهم اتخاذ مثل هذا الموقف، فهاتان الدولتان تحديدا هم على (وئام) مع العدو الفارسي، إذا لم يكن يسيطر سيطرة تامة على صناعة القرار السياسي فيهما. مصر يهمها التماهي مع الموقف الأمريكي في المنطقة، بعد أن ذاقت الأمرين من أوباما الذي كان له موقف محوري في إسقاط مبارك، ودفع جماعة الإخوان لتولي السلطة في مصر، كما كان لإدارته موقفا مناوئا للجيش المصري عندما ساند الشعب وأسقط حكم الأخوان؛ لذلك فمن غير المتوقع أن يبقى المصريون على الحياد وهم يرون الرئيس الأمريكي الجديد يقف ضد التوسع الإيراني في المنطقة. وما ينطبق على مصر ينطبق إلى حد كبير على تونس. الجزائر وكذلك سلطنة عمان من المتوقع أن يبقيان على حيادهما تجاه توسع الإيرانيين.
البلد المضيف للقمة الأردن هو في تقديري أكثر الدول العربية حساسية من التوسع الفارسي؛ فمن الشمال منه تقع سوريا التي سلم بشار الأسد عنقه للفرس كي ينقذوه من ثورة شعبه عليه، وبالتالي أصبحت الأردن عمليا على تماس شبه مباشر بهذا الغول. وعلى الشرق منه يقع العراق الذي وصل تغلغل الإيرانيون بين أغلب الشيعة وليس جميعهم، إلى درجة هي أقرب إلى الاحتلال ومصادرة السيادة، والتحكم بالقرار السياسي خارجيا وداخليا، الأمر الذي يجعل الأردن ستقف بكل قوة مع أية جهود عربية من شأنها الحد من هذا التوسع السرطاني للفرس.
بقي المملكة ودول الخليج التي تواجه وما تزال التوسع الإيراني بحزم وقوة، ليس عسكريا في اليمن فحسب، وإنما على المستوى الإقليمي والعالمي. فجولة خادم الحرمين الشريفين الآسيوية كان من ضمن أهدافها مقاومة تمدد إيران ومحاصرة تحركاته الآسيوية. كذلك زيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، ولقاؤه بالرئيس ترامب، والحميمية التي سادت أجواء هذا اللقاء، تصب أيضا في جهود المملكة النشطة في محاصرة إيران، وكبح جماحها، ومقاومة عدوانيتها وتمددها.
كل تلك العوامل تجعل من المتوقع أن تشهد قمة الأردن نجاحا نسبيا ستشعر بعده إيران عمليا أن الربيع الأوبامي قد انتهى.
إلى اللقاء.