فضل بن سعد البوعينين
لا صوت يعلو اليوم على صوت «معالي المواطن»؛ الباحث عن فرصة الحصول على قرض سكني من صندوق التنمية العقاري بعد طول انتظار، يبدو أن أحلام المدرجين على قائمة الانتظار تبخرت بعد تدخل وزارة الإسكان لإعادة هيكلة آلية عمل الصندوق التقليدية وإخراجها من دائرة الدعم الحكومي إلى دائرة التمويل المصرفي الذي بات يتعامل مع المواطنين وفق «جدارتهم الائتمانية»؛ ومن خلال أنظمة مصرفية قائمة على الربح والتحوط ومصادرة الأصول في حال التعثر لا قدر الله، تحمل الصندوق للأرباح المترتبة على القروض المصدرة لمحدودي الدخل لن يحول دون تطبيق معايير الجدارة الائتمانية التي أجزم أنها ستخرج الشريحة الأكبر من المواطنين المستحقين من دائرة الاستحقاق.
الزميل «علي العلياني» ناقش موضوع متضرري الصندوق العقاري في برنامجه الجديد
«معالي المواطن» على قناة MBC في غياب ممثلي الصندوق أو وزارة الإسكان الذين أحجموا عن المشاركة في البرنامج واشترطوا الظهور المستقل لمناقشة القضية، تنفق وزارة الإسكان أموالاً طائلة على حملاتها الإعلانية والتوعوية؛ ومن باب أولى اقتناص فرصة الظهور المجاني لتقديم وجهة نظر الوزارة أو الصندوق لعامة المواطنين.
لم يطل الانتظار؛ حتى ظهر مندوبون عن صندوق التنمية العقاري في برنامج
«الثامنة»؛ وفي غياب تام لممثلي المتضررين من برامج الصندوق!. لم ينجح مندوبا الصندوق في إقناع المشاهد البسيط بجدوى برامج الصندوق الجديدة؛ ولم يتمكنا من تبرير التحول المفاجئ في آلية عمل الصندوق التي أثبتت كفاءتها خلال العقود الماضية.
أصبح ملف «الإفلاس» عذر من لا عذر له في المؤسسات الحكومية؛ والشماعة التي يخوف بها المواطنون. تبخر أرصدة الصندوق وطول أمد الانتظار الذي سيصل إلى أكثر من ستين عاما من الأعذار غير المقنعة؛ التي لا تخلو من الاستهتار بعقلية المتلقين. أعلن الصندوق؛ بنهاية العام 2015 عن عزمه إطلاق برنامج قرض الاستثمار لتطوير الأراضي الخام بقيمة 100 مليون ريال كحد أقصى؛ من أجل دعم مشروع نظام الرسوم على الأراضي البيضاء؛ ومساعدة ملاك الأراضي الشاسعة من الأغنياء؛ ما ينفي ضعف ملاءة الصندوق الذي يفترض أن يكون جسرًا لدعم ذوي الدخول المحدودة لا المستثمرين الممتلئة أرصدتهم بالأموال؛ ومحافظهم العقارية بمئات الملايين من الأمتار.
من أغرب ما قاله مندوب صندوق التنمية العقاري في رده على مخاوف استحواذ البنك على العقار المرهون عند التعثر: أن نسبة التعثر في القطاع المصرفي أقل من 1 في المائة؛ وبالتالي يؤكد من حيث لا يعلم المخاوف المستقبلية؛ ويُراهن على انخفاض نسبة التعثر لا الحماية النظامية لمحدودي الدخل.
أثرت سياسة الصندوق المستحدثة سلبا على المسجلين في قوائم الانتظار؛ وأخلت بوعود المسؤولين التي قطعوها للمستحقين، وفي هذا ظلم يستوجب التدخل الحكومي ورفعه عن المتضررين. استمرار آلية الصندوق القديمة ضرورة مُلّحة؛ ولا مانع من إيجاد برامج أخرى بديلة ومتوافقة مع شرائح المواطنين. يمكن دعم موارد الصندوق بإيرادات رسوم الأراضي البيضاء التي ينص النظام على استثمارها في مشروعات الإسكان؛ وأحسب أن صندوق التنمية هو الأكثر كفاءة في دعم مشروعات الإسكان من خلال التمويل المباشر لملاك الأراضي. ويمكن أيضا تحويل أرصدة وزارة الإسكان إلى صندوق التنمية العقاري الذي أثبت قدرة استثنائية لتنفيذ أهدافه السكانية خلال العقود الماضية. أرض وقرض هو الحل الأمثل في غياب قدرة وزارة الإسكان على تنفيذ هدف إنشاء 500 ألف وحدة سكنيه للمواطنين.