ناصر الصِرامي
هي حصة لا تتجاوز الـ5%، لكنها اختبار مهم في بيع جزء من موردنا الأهم حتى اليوم، وهذا سبب كاف للجدل والإثارة..!
من الغريب أن عددا من الكتاب والمختصين ممن كانوا يتحدثون عن تبدل الطاقة العالمية ومستقبلها. ومنافسة الطاقة المتجددة، ويتحدثون عن تراجع العالم من الاعتماد على النفط، يقفون في جانب النقد أو المعارضة لبيع جزء من مورد «لامع» أمام العالم اليوم، لكن الحقيقة التاريخية والتجارب العلمية واتجاهاتها، تؤكد أن هذا «اللمعان» لن يدوم طويلا!
نعيش في مرحلة نعتمد فيها الحصول على الطاقة من مناجم الفحم وآبار النفط، ولكن هذا الوقود سوف يُستهلك بسرعة كبيرة حيث يمكن أن ينضب معها جميع الاحتياطي الموجود خلال مدة لا تتعدى قرناً واحداً من الزمن. وطبقا لتقارير البنك الدولي فإن إنتاج الكهرباء من النفط في تناقصٍ مستمرّ. فبعد أن ارتفعت نسبته من حوالي 2% منتصف الستينيات من القرن الماضي إلى حوالي 20% في بداية السبعينيات، عادت للانخفاض إلى حوالي نسبة 4% سنة 2013. أمّا النسبة المقدّرة من استهلاك النفط في قطاع النقل، فتبلغ 57% على مستوى العالم، صحيح إن التوقعات تتحدث عن قرن من الزمن، لكن المئة عام عمر قصير في حياة الدول والأمم التي تجيد التخطيط للمستقبل.
اليوم توجد منافسة حادة ومتسارعة في البحث عن مصادر طبيعية متجددة، أي غير ناضبة ولا تحدث تلوثا بيئيا. وهي ما تعرف اليوم بمصادر الطاقة المتجددة، ومنها، الطاقة الشمسية. الطاقة الحيوية. طاقة الرياح. الطاقة الكهرومائية. الطاقة الحرارية الجوفية. والمد والجزر والأمواج.
أرامكو السعودية كشركة عالمية ناجحة في مجالها، لن تبقى أبداً بحجم الزخم الحالي، ولن تبقى بالقيمة السوقية نفسها بعد سنوات من الآن، حيث زيادة الاعتماد على مصادر جديدة للنفط ذائع في العالم، أو تزايد استخدام الطاقة المتجددة. كما أن مفاجآت التقنيات الحديثة والاكتشافات العلمية لا يمكن التنبؤ بها، في ظل مراكز أبحاث تعمل على مدار الساعة وفي كل زوايا العالم المتقدم لخلق المزيد من البدائل العملية والاقتصادية !.
واليوم لدى بلدان منظّمة الدول المصدّرة للنفط - أوبك OPEC ـ 81% من الاحتياطات المؤكّدة من النفط السائل. أمّا على المستوى الإقليمي فيوجد 54% من الاحتياطات المؤكدة في منطقة الشرق الأوسط، تشكّل عماد احتياطات العالم من الوقود الأحفوري، لكنّ الأمر تبدّل مع صعود نجم النفط الصخري في أمريكا، بالإضافة إ ى بروز عدّة اكتشافات جديدة في المياه العميقة في المحيطين الأطلسي والهادئ.
توقيت بيع حصة من أرامكو يعتبر جيداً جداً، فحجم الاستثمار العالمي في مصادر الطاقة المتجددة خلال السنوات العشر الأخيرة وصل إلى 305 مليارات دولار في العام 2015، مقابل 50 مليار دولار في عام 2004.
ولحسن الحظ والقدر أيضاً بالنسبة لنا في المنطقة، فإن الطاقة الشمسية ستحقق النمو الأسرع من حيث القدرة والإنتاج وستسهم عدّة طرق جديدة لتخزين الطاقة الكهربائية بإحداث نقلة نوعية من حيث رفع مستوى إنتاج الطاقة المتجددة المتغيرة.
الجدل والنقاش الحقيقي يفترض أن لا يكون عن بيع حصة من أرامكو، فالتوقيت مناسب جداً لكن يفترض أن يكون حول السؤال التالي: إلى أين ستذهب الأموال القادمة من البيع؟ وإلى أي استثمارات ستتوجه؟.
وهذا هو الأجدر والأنفع..!