كتب - محرر شعبي الجزيرة:
(مذهلة)
لم يكن مجرد عنوان أغنية مبدعة لشاعر فذّ، بل كانت ليلة شعر ممتعة طار من خلالها شاعر الكلمة المجنحة والعبارة العذبة بجميع حضور قاعة المؤتمرات بـ(جامعة الأميرة نورة)، حيث حلَّق (الكابتن) صاحب السمو الملكي الأمير الشاعر عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز بجمهوره المحب إلى آفاقه وسماء الإبداع وفضاء الشعر، فقد كان الموعد مع رحلة الكلمة وصدق الإحساس وتداعي القصائد العذبة. وكم كانت الفرحة كبيرة والاستقبال حارا واللقاء شيقا بين الأمير ومحبيه، وقد امتلأت القاعة عن آخرها بالحضور الذين كان في مقدمتهم أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء وجمهور أتى لأجل الشاعر والشعر، فكان تفاعله هو الحائط الرابع للمسرح الذي امتلأ بالشعر النقي الثمين. وقد بدأ المبدع دائما الأمير الشاعر عبد الرحمن بن مساعد بما يطيب أن تكون فواتحه من القصيد، حيث كانت القصيدة الأولى تتغنى بسجايا مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك الحزم والعزم والشهامة والاستقامة -حفظه الله-:
مهابٌ في الأنام طويل قامة
قديمُ قديم عهدٍ باستقامة
مثيلُ أبيه أشباهاً وفعلاً
عصي الوصف سلمان الشهامة
له من كل مكرمة علاها
له المجد التليد له الزعامة
فريد اللطف في يسرٍ وعسرٍ
ويسبق فعله عطفاً كلامه
أرى كربات خلق الله صرعى
صنائع جوده ترمي سهامه
كريم النفس في قلب البرايا
له قدرٌ عظيمٌ واستدامة
يوطّد قدره وصلٌ وجودٌ
وقبلهما وبعدهما ابتسامة
فمن غربٍ إلى الأحساء شرقاً
ومن أقصى الشمالِ إلى تهامة
ترى ألبابنا طابت مقاماً
لسلمانٍ وطاب له الإقامة
نقيّ القلب خيرٌ مستديمٌ
وعند الكرم طودٌ من صرامة
له الدنيا وليس يريدُ دنيا
وفي أرجائها فرض احترامه
يريد لأرضه أمناً وسعداً
يريد لشعبه عز الكرامة
وإن عادى فتعساً للأعادي
أشد نوائب الدهر انتقامه
وإن ليث الجزيرة رام حرباً
فلن ترجى لمجترئ سلامة
يخيف حسامه في الغمد كوناً
فكيف بسلّه يوماً حسامه؟؟
يزيد بمدحه قدري وشعري
فتقصر عن بلوغي كل هامة
وليس بشاعرٍ من ليس تبقى
قصائده إلى يوم القيامة
لعمر قصائدي ستظل دوماً
على وجه الخلود لها علامة
لي الإعجاز والإبداع حصراً
ولم أبلغ بمقدرتي مقامه
لأنك أنت يا فخر السجايا
فليس علي في هذا ملامة
ولأن لقائدنا العظيم مكانته ومحبته العظيمة في قلوب شعبه فقد كان تفاعل الحضور لا يقل روعة عن القصيدة، وقد لا أبالغ إذا قلت إن التصفيق والحماس كان مصاحباً لكل بيت لم لا؟ والقصيدة في القامة والشهامة الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -.
وقد اتبع الشاعر رائعته الأولى برائعة لا تقل جمالاً كتبها بسمو سيدي ولي العهد وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز -حفظه الله-:
مضيت إلى الخمسين أو ما يقارب
وعلمت الأيَّام مني التجارب
مضيت لها مستيقنا ومشككا
أرى أين كان الخسر أين المكاسب
مضيت برشد الراي امخر عبها
مضيت إلى الخمسن والرشد صاحب
وكنت بها مستبصرا ومفكرا
اقلب ما يجري بها واراقب
فلم أر من وازاك انت شجاعة
وعزما دؤوبا دام لا يتثاءب
أيا ابن العظيم الفذ فرد زمانه
ومن ليس يُحصى خيره والمناقب
وانت له صنو بكل صفاته
إلا أنه إياك والأصل جاذب
فانت الذرا والدرع والأمن للحمى
لخير الورى والدين كان التعاقب
الا ان عمي فيك لازال حاضرا
الا ان عمي فيك ليس يُغايبُ
وانك انت الجود وفرا وكثرة
وللكرب والحاجات انت السحائب
وفي رائعة مدهشة أخرى سبكا ومعنى وإبداعا كتبها بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع -حفظه الله- انطلق بقصيدته الثالثة حيث قال:
إليه انتهاء المجد أم عنده ابتدا
هو المجد ليس المجد الا محمدا
ولا يُعذر الحساد في الغل مطلقا
ولكنه الإنجاز يصنع حسّدا
بعيد على أعدائه خدش ظله
كبعد الضلال الفج عن واضح الهدى
عصيٌ على أعدائه حجب خيره
سدى حجب نور الشمس يا جاهلا سدى
له حكمة الاشياخ خير اولى النهى
وعزم الشباب المستجيب بلا مدى
وحسب اقتضاء الأمر يعرف درعه
احكمته المطلوب أم عزمه ارتدى
تاخر حتى نستطيب بجذره
ومن طيب بعض القول تأخير مبتدا
فلم يترك الرايات حتى تسعودت
ولم يترك الإعجاز حتى تسعودا
الا أيها الهطال جودا ورحمة
وانك غيث لايبارح سرمدا
الا أيها الأبطال اجمع عامدا
لمثلك انت الجمع لو كنت مفردا
الا أيها الأخلاق طبعا ومنبعا
وحلا وترحالا وفرعا ومحتدا
تواضعك الأخاذ يكسوك هيبة
جدير بها قد دمت خلقا ومشهدا
ثم تلاها بقصيد الأربعين والتي لاقت حماسا من الحضور:
ادلهمّ الكون حولي وأطْبقَت سحب الكآبـة
أغرقَت جوفي بدمعي وأهلَكت أخضر حقولي
وينكم يا ربع عمري؟ من بقى ما صك بابه؟
ما بقى لي صاحبٍ أرمي عليه أهْوَن حمولي
الكتابة عن همومي ذنب أفْشَل في ارتكابه
هكذا حزني أناني غير فرْحي للّي حولي
ثم توالت القصائد التي تتحدث عن أغراض ومواقف متعددة منها:
أنا مدري وش إحساسك
ومدري وش تظنيني
أنا الصادق في عينك كنت
وصرت الكاذب الخوّان
أنا أخطيت ما انكر ولافيه عذر يكفيني
سِوا اني احبك حيل واني دايما إِنسان
انا ادري بمدى جرحك
وادري الحظ جافيني
يطول الوقت ما أخطي
وإذا أخطيت كل شي بان
انا شفت الزهر مايل
وظنيته يناديني
قطفته.. يوم ضميته.. لقيته للأسف ذبلان
عرفت انك زهر عمري
عرفت انك بساتيني
وقد كان من بين قصائد الأمسية القصائد التالية:
تطرف، قصة، إلا أنت، مذهلة، خيوط الذهب، ثلاث حروف، نصف الفراق، العادة جرت، صدّق أو لا تصدّق، تسرق الشمس، سبعة أعوام، ومن قصائد الأمسية هذه الرائعة:
لآخرِ أمر المرءِ تُفضي أوائلُه
ودهرُكَ في الإدبار كُثْرٌ وسائلُه
جرعت كؤوسَ الهمِّ حتى ألفتُها
وقد ضاق ذرعاً بي وأُثْقل كاهله
وأبدى ليَ الأصحاب ما لستُ جاهلاً
بأنَّ اشتداد الكرب فرداً تُعامله
وأن لا وفاءً غير في الأنسِ والرّخا
وإلا فكلٌّ قد توالت مشاغله
عَرفتُ من الأيَّام تكرار غدرِها
فمن قال إن الغدر قد خابَ فاعلُه
فما خابت الأيَّام من سوءِ فعلها
وقد خاب حسنُ الظَّنِ، خابَ تفاؤلُه
واختتمت الأمسية بالجمال الذي بُدئت به وخرج الجميع منها بإحساس مفعم بالسعادة والارتواء بما لذ وطاب من بستان شعر ونفس الأمير عبد الرحمن بن مساعد.
لقطات من الأمسية:
* تفاعل الجمهور مع تأثر فارس الأمسية وهو يلقي مرثيته بوالده رحمه الله.
* كان صوت ابنة الشاعر الأميرة سارة صادقا وعذبا وهي تناديه بحب (أحبك يا بابا) ورده حالا وبأبوة (وأنا أحبك).
* شكر الأمير شركة تايم وجهود أميرة الطويل في إنجاح الأمسية.
* كان لجهد الأستاذين عبد الله حمير القحطاني، ومعجب آل مهدي في القاعة اثر كبير أضفي على الأمسية طابعا جميلا من التنظيم والاهتمام.