د. محمد عبدالله العوين
بموافقة سامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - على إنشاء ثلاثة معاهد تابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تعنى بتعليم الإسلام وعلوم الشريعة واللغة العربية في إندونيسيا، يفتتح قريباً معالي مدير جامعة الإمام عضو هيئة كبار العلماء رئيس المجلس التنفيذي لاتحاد جامعات العالم الإسلامي الدكتور سليمان بن عبد الله أبالخيل ثلاثة معاهد تابعة للجامعة في مدينة سورا بايا بجاوا، ومدينة ماكسر بسلاويسي، ومدينة ميدان بسومطرة.
وتضاف هذه المعاهد الثلاثة الجديدة إلى معهدين آخرين للجامعة يعملان منذ سنوات هما: معهد العلوم العربية والإسلامية في جاكرتا، ومعهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للدراسات العربية والإسلامية في بندا اتشيه، وهي امتداد لعناية المملكة بنشر الإسلام وفق الرؤية الوسطية المعتدلة في أنحاء العالم كافة، وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها؛ كما هو الشأن في المعهد العربي الإسلامي بطوكيو، والمعهد الإسلامي بجيبوتي التابعين للجامعة.
وقد تفوقت جامعة الإمام في أداء مهامها التي أوكلت إليها وأُنشئت من أجلها في العناية بعلوم الدين الإسلامي واللغة العربية في الداخل والخارج مع التوسع في تدريس العلوم التطبيقية وفق حاجة البلاد بما يسهم في عملية التنمية الشاملة، جامعة بين الأصالة والمعاصرة، وفي توازن حكيم بين العناية بالأصول الدينية واللغوية والتراثية والعلوم الإنسانية واللغات والعناية الفائقة بعلوم الطب والهندسة والرياضيات والفيزياء والأحياء، والحاسب الآلي، والاقتصاد والعلوم الإدارية. وقد اكتسبت جامعة الإمام خبرة كبيرة في إدارة النشاط الفكري الهادف إلى خلق رؤى التسامح والاعتدال والوسطية وتأسيس وإدارة المعاهد العربية الإسلامية في الخارج خلال أربعة عقود؛ ولذلك تعد الجامعة اليد التنفيذية الطويلة الماهرة القادرة على تحقيق رسالة المملكة في الداخل والخارج في نشر قيم الاعتدال والوسطية ومحاربة التطرف والغلو ونقض الترهات التي يبني عليها الفكر الضال تحريضه للشباب المندفعين ويسعى من خلال إثارة الشبه إلى إغوائهم بالتلبيس عليهم وخلط النصوص والسعي إلى تكييفها وفق مرادهم وما يحقق أهدافهم في إثارة الفوضى وإضعاف الأمن وتعطيل الحياة وإشعال الفتن. وفي هذا الوقت الحرج الذي تمر به المنطقة العربية والإسلامية لا بد من التأكيد على ضرورة الانتشار وقوة التأثير والحضور السعودي في أنحاء العالم؛ وبخاصة في تلك البلدان التي تكثر فيها نسبة المسلمين كإندونيسيا وماليزيا والهند، ودول عديدة في إفريقيا كنيجيريا ومالي والسنغال، أو يرجى أن يحدث فيها توسع وانتشار للإسلام واللغة العربية كاليابان والصين وتايلند. ويحتم ضرورة انتشار الدور السعودي القائم على التسامح والوسطية ونشر قيم الإسلام الصحيحة ما تخطط له وتسعى إلى تنفيذه إيران بمحاولتها الهيمنة على الأقليات الإسلامية عن طريق الإغراء بالمال والدعم والتبني والاحتضان والاستقطاب بقبول آلاف من الطلاب في جامعات ومعاهد إيرانية تعلم التشيع على الطريقة الإثني عشرية الفارسية المنحرفة، وما تسعى إليه أيضاً من خلال إنشائها جامعات ومعاهد خارج إيران؛ كما فعلت في إندونيسيا والهند وعدد من الدول الأفريقية هادفة إلى كسب ولائهم العقدي والسياسي وجعلهم سفراء ودعاة ومبشرين لها بالفكر الصفوي المعادي للإسلام وللعرب. وأمام هذا التخطيط الفارسي المتزين بعمامة الإسلام والمدعي التشيع كذباً وزوراً من أجل الوصول إلى أدافه البعيدة في الهيمنة على العالم العربي والإسلامي واستعادة الإمبراطورية الفارسية الغاربة ليس لنا من خيار إلا مواجهة المد الصفوي بمد عربي إسلامي سعودي أكثر قوة وانتشاراً متكئ على إستراتيجية بعيدة وآليات عمل متينة وأهداف واضحة وأدوات ممتازة قادرة على تحقيق الرسالة الإسلامية والعربية النبيلة. ودور المملكة في مكافحة التطرف والغلو ونشر الاعتدال والتسامح لا يقتصر على الداخل؛ بل يتعداه إلى أنحاء العالم كافة؛ فرسالة المملكة إنسانية وعالمية بلا حدود. شكراً لجامعة الإمام ممثلة في معالي مديرها الدكتور سليمان بن عبد الله أبالخيل الوطني المخلص الذي جعل من هذه الجامعة الأصيلة الرائدة منارة علم وتثقيف وتنوير وتسامح وبناء داخلياً وخارجياً، ولسعادة وكيلها للتعاون المعرفي والتواصل الدولي العامل بدأب على التميز والتفوق الدكتور محمد بن سعيد العلم.