عمر إبراهيم الرشيد
حكومة الاحتلال في فلسطين لا تنام قريرة العين كما قد يظن البعض متوجسة حتى من اليهود المعتدلين في العالم. الجمعية الأمريكية المكلفة بمكافحة معاداة السامية التي تطلق على نفسها (رابطة مكافحة التشهير) أحصت 121 تهديدا فقط خلال الأسبوع المنصرم وفي ست وثلاثين ولاية أمريكية ومقاطعتين كنديتين معتبرة هذه الموجة وبائية! الجديد في الأمر أن من أطلق تهديدات عدة إلى جمعيات ومنشآت أمريكية يهودية هو فتى يهودي يحمل الجنسيتين (الإسرائيلية) والأمريكية، إضافة إلى الاشتباه بأنه أرسل تهديدات إلى مراكز في أستراليا ونيوزيلندا، كما وتشتبه الشرطة الأمريكية ومثيلتها (الإسرائيلية) بأنه يقف خلف تهديد لطائرة شركة دلتا بأن هناك قنبلة على متنها مما اضطرها للهبوط اضطراريا وذلك عام 2015م.
هذا الشاب كما تورد وكالات الأنباء هو يهودي ويحمل جنسية دولة الاحتلال ويسكن جنوب فلسطين المحتلة، أي أنه ليس عربيا أو مسلما، فانظر إلى مدى تأزم المحتل بأنه حتى بعض من مواطني هذه الدولة النشاز حانقون على ممارساتها الهمجية منذ تعهد بلفور الإنجليزي المعروف عام 1917 وحتى هذه اللحظة. ومعلوم أن التخبط التي تمر به الأمة العربية وانشغالها بنفسها وبعضها بحروبها الداخلية قد أتاح لهذا الكيان المحتل بأن يعربد ويهجر ويبني مستوطنات لشذاذ الآفاق ومشردي العالم كي يكون شعبا، محاولة لأن يكون كيانا طبيعيا كغيره. ألم يسع هذا الكيان لادعاء أطباق عربية بأنها له وتمثل شعبه؟، أليس هذا نابعًا من إحساس بالدونية والفقر الحضاري حتى في مجال المائدة؟!. وكي لا أكون خطابيا (وديماغوجيا) في نظر البعض، أقول إن هذا الكيان المحتل لديه مراكز أبحاث متقدمة وصناعة عسكرية متينة، وأيضا (ديمقراطية) كما يردد الكثيرون ويجترون هذه المقولة تقليدا لغيرهم دون تروٍ وقراءة موضوعية. فديمقراطية الصناديق وتداول السلطة هذه لهم ولفائدتهم وهذا مفهوم، أما أن هذه الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط كما يردد الكثيرون تنعكس على معاملة هذه الدولة المحتلة للعرب وأهل الأرض الحقيقيين بطريقة ديمقراطية حسب تعريف الكلمة فلا، والواقع يكذب أي محاولة لتفيق ذلك.
أعود لقصة هذا اليهودي الشاب (19 عاما)، فتى في هذا العمر ولديه جنسية أمريكية بمعنى أن بإمكانه العيش في أمريكا بسلام واستقرار دون منغصات، مع إقباله على الحياة في سن يفاع وأحلام وطاقة ومباهج متوقعة. فما الذي يدفعه للوقوف ضد التيار وضد دولة أدمنت خرق القوانين على مر سنواتها ولا أقول تاريخها. هذا عدا عن مواقف كثير من اليهود عبر العالم مثل منظمة (ناطوري كارتا) وتعني (حراس المدينة) التي تعادي الصهيونية وتعتبر (إسرائيل) محتلة وأن الفلسطينيين هم أهل البلاد ولا حق لليهود فيها. لا أحد يقر قتل الأنفس البريئة ولا تهديد الآمنين أينما كانوا، وما يفعله هؤلاء الأوغاد الجهلة من دهس وطعن تحت اسم أو هوية إسلامية إنما هو طعن في ظهر الإسلام وخدمة لأعداء الأمة أينما كانوا وترهيب لمدنيين مسالمين. إنما إذا أراد كل معتدٍ ومحتل أن يحمي نفسه مثلما فعلت (إسرائيل) مع مواطنها المذكور فلينظر بنفس المعيار إلى ما يتكبده الشعب الفلسطيني من اضطهاد وتقتيل أمام أنظار العالم!