خالد بن حمد المالك
المملكة هي إحدى الدول السبع التي أسست الجامعة العربية عام 1945م، وكان الملك سعود أول من مثّل المملكة في اجتماعات الجامعة، وفي الاجتماع التأسيسي لها، وظلت القضية الفلسطينية هي القضية المحورية التي لا تغيب عن أي اجتماع للجامعة العربية منذ تأسيسها وإلى اليوم.
* *
وكل القادة الذين أسسوا الجامعة غابوا عن المشهد -رحمهم الله جميعاً- وبقيت الجامعة تعقد دورياً بالتناوب من دولة لأخرى، بحضور جميع الدول العربية، وإن غاب عنها بقرار هذه الدولة أو تلك لبعض الوقت، مثلما غابت مصر إثر اعتراف السادات بإسرائيل، وسوريا بسبب جرائم نظامها ضد الشعب السوري، حيث علقت العضوية لكل من الدولتين.
* *
كثيرون يتحدثون عن أن نظام الجامعة يحتاج إلى التجديد، وأن الجامعة برمتها تحتاج إلى الإصلاح من الداخل، وأن الأنظمة العربية بخلافاتها هي التي فرغت الجامعة من قوتها وتأثيرها، وهي التي عطلت تنفيذ الكثير من القرارات التي تم التوافق عليها، بل إن هناك من يرى بأنها قد شاخت، وأنه قد أصابها الهرم.
* *
ومنذ قمة أنشاص في مصر عام 1946م وحتى قمة نواكشوط في موريتانيا عام 2016 والجامعة لم تغيّر من خطابها السياسي، ولم تعدل في إستراتيجيتها، مع أن هناك إجماعاً على أنها تحتاج إلى مدها بالقوة الفاعلة، وتنشيط دورها في الساحة العربية والدولية، وسيظل هذا هاجسنا جميعاً، وآمال كل منا إلى أن يتم تحقيقه.
* *
والآن إذ يعود القادة العرب مجدداً إلى الاجتماع في العاصمة الأردنية لعقد مؤتمرهم من جديد، فإن في ملفاتهم مجموعة قضايا ملحة وخطيرة، وتحتاج منهم إلى مواقف شجاعة في التعامل معها، فالوضع في سوريا، ومثله في اليمن، وكذلك العراق وليبيا ولبنان لم يعد يحتمل، وكلها ساحات لإشعال النار في المنطقة، وإيجاد بيئة مناسبة لتوالد الإرهابيين وزيادة أعدادهم.
* *
ولا يمكن القبول بالحلول الوسط لقضايانا الملتهبة، أو بالتعامل الناعم معها، أو بالهروب من المسؤولية، أو بالتردد في أخذ القرار الصحيح، بينما يقتل المواطنون، وتدمر المدن، وتتهالك البنى التحتية، وتشل الحركة الاقتصادية والتجارية، مجاملة لهذا النظام، أو ذاك المسؤول، بينما المتوقع أخطر بكثير إذا ما استمر الحال على ما هو عليه.
* *
نريد من اجتماع القمة العربية التي تعقد في الأردن مرمى العين من إسرائيل أن يتم دعم الفلسطينيين دعماً حقيقياً لإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، ونريد قراراً جاداً ينصف الشعب السوري الذي تقع بلاده على الحدود مع الأردن من بطش النظام، وتحرير العراق ولبنان وسوريا واليمن من سطوة النظام الإيراني وتدخله، وامتداداً بذلك نطالب بموقف جسور من الوضع في اليمن والانقلاب على الشرعية، وما يفعله الحوثي والمخلوع في حق اليمن والشعب.
* *
هموم العرب كثيرة، ومطالبهم لا تنتهي، والجامعة العربية ولدت لتكون صوت العرب، والجهة التي تدافع عن حقوقهم، وهي إلى اليوم بكل قراراتها، وبجميع مواقفها ليست الجامعة التي رسم الآباء المؤسسون أهدافها ومسؤولياتها، فلعل هذا الاجتماع يكون فاتحة خير لمستقبل أفضل، يعوّض عمّا فات، ويؤسّس تأسيساً حقيقياً وفعلياً لما هو آت في المستقبل القريب.