«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
عندما زارت أم محمد ابنها الذي يدرس في أمريكا قامت برفقته بجولة للتسوُّق في آخر يوم لها في الزيارة. وخلال جولتها أعجبها جدًّا فستان في أحد المحال المتخصصة في بيع فساتين الأفراح والخِطبة والمناسبات.. فلم تتردد أن تقوم بتجربته في غرفة القياس فوجدته نوعًا ما ضيقًا؛ فطلبت من ابنها أن يسأل البائعة إذا كان يوجد مقاس أكبر فلم تتردد البائعة بأن ذهبت في اتجاه «كاونتر» المبيعات، وبحثت في الكمبيوتر في فروع المحل المنتشرة في مختلف المدن الأمريكية الكبرى، وعادت لتخبر ابنها بأنه موجود في فرع في ولاية أخرى، ويحتاج بالكثير إلى يوم للوصول إليه؛ فطمأن الابن محمد والدته، وقال «لا تحملي همًّا، سوف أبعث به مع أحد الزملاء، الذي سوف يسافر بعد غد إلى المملكة.
بالكثير خلال ثلاثة أيام وسيكون عندك بإذن الله. أأمري وتدللي، بس المهم أن نتأكد أنه نفس الموديل واللون». وطلب من البائعة أن تعود إلى الكمبيوتر، وتفتح موقع الفرع؛ لكي تشاهد والدته الفستان.
كانت ست عيون تشاهد الفستان المبهر بتصميمه: عيون الوالدة والابن والبائعة التي كانت تقول للابن إن والدتك لديها ذوق رفيع، ولو كنت في عمرها ولدي مناسبة فرح فلن أتردد في شرائه.. إنه تحفة! وراح محمد يترجم لوالدته ما قالته البائعة وهو يبتسم باعتزاز لأن والدته أثار اختيارها إعجاب هذه الأمريكية الشابة التي عبَّرت عن رأيها ببساطة وتلقائية..؟! وما هي إلا لحظات تم خلالها دفع مشتريات والدته ببطاقتها الذهبية، وأكدت البائعة أنها حال وصول الفستان للمحل سوف تقوم بإرساله مع سائق المحل إلى سكنه.
بعدما سلَّمته الإيصال بالمشتريات، وكتب لها العنوان، خرجا من المحل بعدما شكرا البائعة، وأم محمد لا تخفي سعادتها؛ كونها عثرت على الفستان الذي سوف يكون مفاجأة الفرح، وأنها سوف تثير إعجاب وحتى غيرة البعض من الحاضرات في هذا الحفل الذي سوف يقام الأسبوع القادم في الأحساء..؟! في صباح اليوم التالي ودَّع محمد والدته وشقيقه الأصغر في مطار جون كندي، ووالدته تؤكد عليه أن يهتم بموضوع «الفستان»، وهو يطمئنها أكثر من مرة بأنه حال عودته من المطار سوف يتصل بزميله؛ ليتفق معه على كيفية اللقاء؛ ليسلمه الفستان حال وصوله إليه.
وأضاف بثقة «اطمئني، سوف أرسل لك عبر (الواتساب) آخر المعلومات»؟! وفي صباح اليوم الثاني لسفر والدته وصل الفستان، ولم يتردد في أن يتصل بزميله خالد الذي سوف يغادر غدًا إلى المملكة، واح يشرح له أهمية توصيله فستان والدته، ولم يُخفِ عليه حرصها على أن ترتديه في فرح قريبتها بعد أيام.
من جانبه، قال له خالد «أبشر، أول شيء أعمله ثاني يوم من وصولي هو توصيل الفستان..»؟! وعندما عاد خالد للمملكة كان شغله الشاغل بعد لقائه بأسرته وفرحتهم بتخرجه أن يقوم بتنفيذ المهمة، بل الأمانة التي كُلِّف بها.. ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان؟! لقد هطلت الأمطار بغزارة، وباتت عملية التنقل في شوارع مدينة الدمام من الصعوبة بمكان.. وفكَّر في أن يسلك طريقًا ينفذ منه إلى خارج المدينة، وأن يسافر إلى الأحساء، لكن جاءت الأخبار وصور الأمطار الغزيرة التي وصلته عبر الواتساب وتويتر، والتي قطعت الطريق، تسببت في عودة البعض من المسافرين بصعوبة لسلوك طريق آخر غير هذا الطريق «الظهران - الأحساء»، وذلك عبر طريق الدمام - الرياض السريع، ومن ثم جودة وإلى الأحساء.
كان الوقت متأخرًا، والجو باردًا.. ماذا يفعل؟ أسقط في يده. وبسرعة، صوَّر لنفسه «سلفي» وهو وسط بحيرة من المياه، وأرسلها لزميله في أمريكا وهو يؤكد «أنا عالق الآن في سيارتي، والفستان داخل كيسته البلاستيكية في الحفظ»، لكن - وما أصعب لكن - مهما عمل أو فعل لن يستطيع تسليم فستان والدته قبل موعد الفرح..؟! ولم يتردد محمد في أن يعيد إرسال رسالة واتساب زميله إلى والدته وهو يعتذر؛ فالأمطار الغزيرة وصعوبة التنقل خلالها أربكت الجميع؟! وفي الصباح، وعندما فتح رسالة من والدته، وجد فيها «يا ليت يا ولدي الموضوع وقف على فستاني الأمريكي، فحتى فستان العروس لم يصل من البحرين. لقد كنا في (حوسة)، وربك سهلها، فأنا لبست فستان العيد مع إضافة كشكشة عليه، وبدا جديدًا.
أما العروس فاستأجرنا لها فستانًا لا بأس به.
وقدر الله وما شاء فعل، والحمد لله على كل شيء»؟!