د. سلطان سعد القحطاني
بالأمس القريب انتهى معرض الرياض للكتاب2017، ذلك المعرض الذي يُحسَب حسابه ما بين العارضين والمرتادين في كل عام، ذلك المعرض المزدحم طوال اليوم على مدى أيامه الممنوحة دولياًً، وكم تمنى كل من العارضين والجمهور لو مدد أياماً أخرى، لكن الأمر ليس بيد أحد، فالوقت محسوب بين الدول من الجهات العليا للمعارض الدولية.حضرته -كالعادة -زائراً منذ ساعات الافتتاح الأولى إلى ما قبل الإغلاق النهائي بيومين، ومعداً ومقدماً لبرنامج (أجنحة الثقافة) على الهواء مباشرة في كل ليلة من ليالي المعرض منذ أول يوم، من إذاعة الرياض كالعادة في كل عام. فأنا ومن مثلي من العاملين في مجال الإعلام الثقافي، لنا نظرة تختلف عن نظرة المشتري والمتفرج والزائر لفترة واحدة أو أكثر، أو لدورة واحدة، فبالإضافة إلى العمل اليومي وإعداده وتحضير ضيوفه ومراقبة جودة البث مع الزملاء العاملين معنا من الإذاعة الخارجية وما يتعلّق بالبث حتى نهاية الحلقة ومدتها ساعة، في كل مساء يستضيف فيها البرنامج مثقفين وباحثين ورواد المعرض بشكل عام، وخاصة ما يوافينا به الزميل عبد الله السبيعي مراسلنا في الميدان، اقول إنني بعد نهاية كل حلقة وعودة البث إلى استوديوهاتنا في الرياض، آخذ جولة على دور النشر، أسأل عن الجديد وأتقصى أحوالهم من عدة نواح أبرزها، المكان، مناسب أو غير مناسب، ثم الإقبال في هذا العام على الشراء من الناحية التجارية. أما من ناحية الجديد، فقد قال لي بعض المختصين أن عرض الجديد لم يتجاوز العشرة في المائة تقريباً، من المعروض العام، وفي دور معروفة، كالدور التي تهتم بالرواية وكتب التدبير المنزلي وما سواها. أما الشق الآخر الذي لا حظناه بوضوح ويكاد الجميع أن يجمعوا عليه، فهو ضيق بعض الأماكن وحشرها في مكان محرج، ودخول جهات ليس لها علاقة بالكتاب، بالإمكان عرضها طول العام في الأسواق العامة، أو وضع مكان معروف لها ولمن يحتاج إليها في مكان تراه جهتها مناسباً لها خارج أوقت المعرض، فزائر المعرض جاء للكتاب وحسب، ولن يلتفت إلى غيره. أما الجهات التي قلت إنها حشرت في مكان ضيق جداً فهي الأندية الأدبية، مع أن عرضها للكتب التي عرضتها هو الذي عوض التكرار في كثير من دور النشر، فاتسمت بالجدة وأسعارها مناسبة جداً، فهي جهات غير ربحية، فإن تُحشر ثلاثة عشر نادياً أدبياً في أمتار قليلة قد سبب تزاحم العاملين فيها لضيق المكان وسبب استهانة لهذه الأندية لأدبية ارسمية، وإفساح المجال لجهات ليس لها علاقة بالمعرض، أمر غريب ليس مكانه هنا، وقد قلت أن أهميتها لو كانت في الأسواق العامة على طول العام لكان أنسب لها.إن المعارض في العالم العربي (بشهادات الناشرين أنفسهم) لا تباري معرض الرياض الدولي للكتاب، بل إن البعض ممن سألتهم بدون مجاملة يراهنون على معرض الرياض الدولي من كل النواحي، فالشراء لا يقارن بمعرض آخر، والتنظيمات الأمنية هذا العام - خاصة- راقية، والتنظيم الإداري متقدم، وغير ذلك.
وإذا كنا نؤمن بأمن الكمال نسبي، فإنا نؤمن بأن تلافي الأخطاء بالإمكان تدركها في العام القادم، كما لا أنسى جهود إدارة المعرض في تسيير حافلات لنقل الزوار من مكان إيقاف سياراتهم إلى المعرض والعكس، وهذه بادرة طيبة خففت من عناء البحث عن موقف أو السير لمسافات طويلة، ويمكن تلافي ما حصل هذا العام بالنسبة لاستوديوهات الإذاعة والتلفزيون، ليكون لكل جهة مكان منعزل، كما هو في السنوات الماضية. ويبقى معرض الرياض الدولي علامة فارقة في زمن الثقافة الحديثة بين معارض العالم العربي.