تآلف الثقافات المتنوعة لتكوين فرق تنتج الإبداع وتحقق النجاح، وتناغم مفاهيم وقيم هذه الثقافات من أبرز عوامل التطور داخل عالم الأعمال اليوم، تلتقي ثقافات العالم وتتحد فروع المعرفة في هدف واحد لتشكل قوة أمام صراعات العولمة وتطور التقنية لإرضاء ذائقة العميل.
أكبر شركات العالم اليوم تؤم إلى تبني مفهوم فرق العمل متنوعة الثقافات، القائم على عدد من الأفراد الذين يعملون مع بعضهم لأجل تحقيق مقاصد محددة, تتنوع هذه الفرق وتختلف آليات عملها بحسب بيئة كل منظمة وغايتها.
يبرز في هذا المجال تجربة «كارلوس غصن» البرازيلي-الفرنسي ذو الأصول اللبنانية، إلى بناء فرق عمل ذات ثقافات متنوعة لإنقاذ شركة «نيسان» اليابانية من الإفلاس، وهي التجربة التي نشرها في كتابه «النقلة: أسرار عودة نيسان إلى بر الأمان».
استلم كارلوس غصن إدارة شركة «نيسان» اليابانية سنة 1999 حيث كانت الشركة تعاني من حالة شبه إفلاس وخسائر كبيرة وديون تصل إلى بلايين الدولارات وخسائر في المبيعات، وفي فترة قصيرة تقلّصت الديون ووصل حد الأرباح إلى أعلى النسب في تاريخ المصنّع، أصبحت نماذج «نيسان» الجديدة تلاقي رواجاً كبيراً في الأسواق.
تشير الدراسات حول هذا الإنقاذ الباهر أن منهاج غصن الإداري الخاص أسهم بشكل كبير في هذه النجاحات، وبالتحديد من خلال إتباعه الأسس الإدارية الأربعة التي تضمنها تخليق فرق عمل من ثقافات مختلفة، حيث عمل فريقًا متنوع الخبرات من فرنسا ضم تسعة عشر عضوًا يغطون جميع الوظائف الإدارية. عمل هؤلاء المديرون متعددو التخصصات ومتنوعو الخبرات، مع فرق عمل يابانية وعدد من الألمان والأمريكان، وفي بيئة قائمة على تنوع الثقافات. وبسبب الحماس الشديد وتنوع العقول الذي امتزجت فيه تلك الفرق، نجحت التجربة.
العمل كفريق يحتم تحقيق التناغم بين أفكار الفرد داخل الجماعة، في ظل غاية واحدة, كما أن نجاح هذه الآلية هي وجود بيئة عمل تدعم اختلاف العقول وتنوع اللغات واختلاف المعتقدات والاتجاهات وغيرها، لذا المنظمات بحاجة إلى تحقيق التوازن بين الفرد كفكر والعمل كفريق لتحقيق قوة تدفع العمل للخطو في طريق النجاح.
في بيئة الأعمال، تحرز فرق العمل النجاح عندما تتكون من أعضاء يأتون من تخصصات وإدارات ووظائف مختلفة، فالعقول المتنوعة في فرق العمل هي من ينتج الابتكار ويخلق الإبداع لأنها تنبع من مدارس وتخصصات وخبرات ومعارف ومهارات مختلفة؛ بشرط أن تكون بيئة العمل داعمة للتنوع قائمة على الاستقرار واحترام الآخر. التحدي الأكبر في تبني هذه الآلية يكمن في نسج خيوط الانسجام بين أعضاء الفريق الذي يعتبر أهم مشكلة واجهت نيسان بعد مضي فترة من تبني فرق العمل متعددة الثقافات، حيث واجهت الشركة عدداً من المشكلات في الاختلاف الفكري بين اليابانيين والأوربيين. لإبصار الاختلافات القائمة بين المجتمعات البشرية, لابد من العمل على إيجاد القاعدة المشتركة بينها التي تشير إلى عدم وجود اختلاف حقيقي في جوهرها.
هند بنت صالح بن سليمان العجلان - طالبة ماجستير جامعة القصيم