سمر المقرن
برغم وجود تعريف ثابت للتنمية المستدامة بحسب الأهداف التي وضعتها الأمم المتحدة، وكذلك بحسب التعريفات العلمية التي ذكرت بأنها هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات والأعمال التجارية، إلا أن حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ذكر تعريفاً مختلفاً في الكلمة التي ألقاها خلال حفل افتتاح منتدى الاتصال الحكومي الذي كان يوم الأربعاء الفائت بإمارة الشارقة. حيث ذكر في كلمته أن التنمية المستدامة هي بناء الإنسان، وذكر تجربته في عملية البناء هذه التي بدأت في وضع برلمان خاص بالأطفال من عمر 5 سنوات ولغاية 12 سنة، وكان هذا قبل أكثر من عشرين عاماً، ثم امتدت التجربة ليكون هناك برلمان لمن هم في سن المراهقة، وأن هذا خلق جيلاً محترماً في عملية الحوار وبناء المجتمع، وأن هذا الجيل الذي تخرّج من البرلمان من بينهم مسؤولون كبار في دولة الإمارات حالياً. أعجبني طرح الدكتور القاسمي في تركيزه على الطفل وأن إمارة الشارقة تهتم بوضع حضانات للأطفال في الأماكن كافة التي تعمل فيها النساء حتى لا يفتقد الطفل أمه لأكثر من ساعة إلى ساعتين على الأكثر خلال اليوم، وأن هذا ما يعزز الشعور بالأمان لدى الطفل، ولم يفت حاكم الشارقة التركيز على وضع الأهداف من خلال الاهتمام بكل هذه الأمور بما فيها الرضاعة الطبيعية.
هذه رؤية الشيخ القاسمي للتنمية المستدامة وتعريفه لها باختصار في الاهتمام بالإنسان منذ ولادته وإلى آخر أيام عمره، وذكر كذلك في الكلمة نفسها الرعاية لكبار السن وضرورتها، مؤكداً أنه لا يوجد شخص في إمارة الشارقة قد تجاوز سن الستين إلا ولديه تأمين طبي، يكفل له كل أنواع العلاج التي يحتاجها.
رؤية مختلفة للتنمية المستدامة، لكنها دقيقة جداً من وجهة نظري إذا ما عدنا لأهدافها التي وقّع عليها قادة العالم في باريس العام الماضي والتزموا بتنفيذها خلال خمسة عشر عاماً، هذه الرؤية فيها كثير من التفاصيل الخارجة عن التعريف العام للتنمية المستدامة إلى ما هو أكثر إنسانية وقرباً من الواقع الذي يعمل على بناء المجتمعات بشكل صحيح، حيث يبدأ الاهتمام بالطفل منذ الولادة والاهتمام باحتياجاته التي قد يراها - بعضهم - بسيطة لكنها في واقعها هي أساس لبنة بناء الإنسان الذي سيعمّر مجتمعه.
في السياق ذاته، لا بد من الإشارة إلى أن (الشارقة) هي أول مدينة في العالم تصبح صديقة للطفل، سمعت عن هذا كثيراً وعن هذه الاهتمامات، لكنني بعد سماعي لكلمة حاكم الشارقة بشكل مباشر تأكدت بأن الشارقة فعلاً صديقة للأطفال، وعزمت أن تكون زيارتي المقبلة لها برفقة طفلي سليمان، لأنه سيجد فيها كل ما يلزمه من المتعة والمعرفة والصداقة.